دور المثقف والاعلامي انجازات الشباب



ليس هناك ماهو اشد قسوة من خيبة امل الثوار وانكسار جماح ثورتهم وتحولهم إلى تجار دول ومروجي ضجيج اعلامي وقانصي ضحايا سرمديين… ولكن هل حقّا يمكن ان نقول بانهم قد ثاروا  هل كانوا بالفعل يقصدون  نقل الشعب من دوائر الاستبداد إلى فضاءات الحرية ام أنهم كانوا دوما قراصنة الوقت الضائع للتغيير في تلك اللحظات من الضعف الكبير للوطن حيث تكون روح الشعوب مترددة ومضطربة وخارجة حالا من هزال اخلاقي ضارب في الاعماق ما أتعس العقل حين يفشل في ثقافته  وإن علينا ان نعترف بأن العقل قد انتابه اليأس منا ومن رؤوسنا التي أصابها دوار الجهات والمواقيت والاماكن الشاهقة الثورة مرتفع شاهق لمن لا يؤمن بها من الداخل ولذلك هو يتكلم دوما دون ان يقول شيئ هو يخاطب الفراغ الذي يعد به جماهير لم يرض عنها احد إلى حد الان. 
 فان يتخلى  انسان ماعن قيمته البشرية والوطنية ويركل حريته وكرامته بقدميه ويصير وحش يعوي و يزأر يصرخ بجنون المجرم القاتل ينكل يسحل يعذب انسان اخر يدافع عن قيمته الإنسانية ويناضل من اجل وزنه الوطني ويطلب الحرية لنفسه وللآخرين مهما كان مصدر اختلافه عنهم في اللون والعرق والجنس واللغة والدين…

ويحاول في حدود  الكرامة نفسها الى تخليص نفسه  والجلاد الاداة الذي داس  الطغاة على انسانيته وشوهوا ذاكرته بسعار الكلاب الذي اعمى بصيرته وصيره سفاحا محترفا خلف الوجوه المستعارة  يفتك ويقتل بايدي الاخرين  لقرب الناس اليه في الانسحاق الوجودي للحصانة البشرية التي منحوها لانفسهم دون الشعب وعلى حسابه واحتكروا لقمة العيش وهاجس الاهتمام بنمط الحياة وصنعوا له من التشرد ملجئا ابديا ..

فان ينزلق الانسان بنفسه ليكون (مكب للننفايات) او(حثالة) فذلك ليس امرا جديدا في التاريخ الاجتماعي الانساني ولا يستدعي الدهشة والاستغراب بقدر ما يتطلب الصمود والتحدي هذه القضية المسكونة والمغلفة بالعنف والارهاب ترافق الطغاة كجزء جوهري موضوعي مرتبط بطبيعة الاستبداد والطغيان لا تنتهي الا بسقوط الشكل السياسي الاجتماعي الثقافي للانظمة التي تشكل طبيعة العلاقة بين الطغيان هذه القضية قد تأخذاشكال سياسية واجتماعية واقتصاديّةواخلاقية لكنها في الاساس التاريخي والاجتماعي هي جهاز قمعي ارهابي لممارسة الاستبداد السياسي وتوظيفه في الصراع الاجتماعي حتى وان كان من اجل امرأة مخطئة او خائنة او سارقة اموال

هذه القضية لا تقتصر مثلاعلى الأجهزة الامنية بل ه تتمثل في الشكل الخطير لما يسمى المرتزقة والجماعة المصطنعة لتكريس الولاء وحماية الطغاة أو تنضوي بشكل ادق تحت راية( العملأ) ومااكثرهم في هذا البلد"

وهي وجه من  وجوه التاريخ العربي المظلم والمسكوت عنه لدى المؤرخين والفقهاء بل وحتى الشعرا والادبأالقدما والجدد فهم لم يسلطوا الضوء بما يكفي حتى تستحق التنقيب والبحث والدراسة والتنبيه والتوجيه والتوعية بمساوئها ومخاطرها الاليمة على شعوبنا ..

فالعملاء والمرتزقة ظاهرة  مارسها السياسيون والعسكر والفقهاء والمثقفون بل وكذلك المواطنون… ولا يزال الكثير من هؤلاء يعيشون في كنفها متنافسين على نعم وغنائم ورضا الاعدا وقد نجح اليوم الربيع العربي والتقدم العلمي التكنولوجي المعلوماتي والاعلامي في تسليط الكثير من الأضواء على هذه القضية اللصيقة بالاستبدادالسياسي للطغاة اينما كانوا ساقط بعد ساقط.

لا يجدي التواري ولا المراوغة في اصلاح شأن مجتمع لا يتحسن سلوكه ولاثقافته اوفكره مع النقد الموجه البناء المتكررفلايؤدي ذلك ابدا إلى اصلاحه او التاثير عليه او يلغي مخاوفه او ترخي على الاقل الوصاية التي تمارس عليه من قبل فئات مارقة كثيرة في بنيته  فالنقد في هذا البلد لا يؤدي إلى نشر الشفافية وثقافة التعددية ونبذ الأخطاء او قبول الرأي والرأي الاخر لتبدد الحقيقة في نهاية المطاف اطر الاستغلال والزيف والخداع حتى ينفك من عقيدة التملق وعقدة النفاق.
ادرك يقينا ان ليس هنالك مجتمع فوق النقد وليس هنالك ايضا ثقافة كاملة خالية من الاخطاء والعيوب لكنني اجد في بلادنا امة لاتقبل النقد البناء الذي يقوم على الاصلاح بغية تحسين الأوضاع ووزع القيم الانساية السليمة التي نفتقدها اكثر من اي مجتمع اخر على وجه المعمورة.
من هنا لابد ان ندرك ان شعب اليمن لن يرتقى فعلا إلى مستوى الرقي والتغيير! بل  قبائل متشرذمة تعاني من عمى البصيرة تمضى كل واحدة  منها إلى وجهتها الفئوية حتى تهلك في ظلمة السعر والضلال!

ويبدوا ان لم يكن ذلك مؤكدا ان محاربة التنوير سمة متأصلة  في ثقافتنا  لان ذلك من شأنه زعزعة الحصون القبلية  والحزبية المشيدة في الهواء وازالة سلطة الوصي حيث ان من يقوم بالوصاية على الناس امرا ونهيا  سيخسر لا محال سلطته التي مجدها الناس خوفا وطمعا وسيصبح اولئك الاتباع والحواريون والمريدون  الذين طالما رسموا لذلك الوصي صورة اسطورية كصورة الالهة سيصبحون أحرارا يقررون مصيرهم بانفسهم ويعرفون ما يجب ان يفعلوا بعيداا عن الوصاية التي تسلبهم انسانيتهم وكرامتهم لذلك فإن  اي مجتمع يفتقر إلى خصائص الاستقامة وثقافة الحوار وقوة الاصغاءيتولد في بئيته قلق دائم وتوتر متراكم  تماما مثلمانجده لدينا
فاليمني  متشائم في نظرته للحياة رغم سعة آفاق المعيشة في ذهن المجتمعات الراقية المسالمة والمتوسمة بالتفاؤل والإنشراح. مشجع على الكسل بحيث يتعاطي طوال النهار المنبهات  والقات والقهوة بشكل مفرط، وحتى (الكحوليات)  والمعقاقير المهدئةان وجد سعة في الرزق ليس لديه حيلة للحوار، وبصيرة تبطل مفعول المشكلات بوسائل النقاش عله يجد حلولا للمعضلاته المتفاقمة.
متفاخر ومتباه بما ليس  اهلا له يصعد المشكلات البسيطة القابلة للسيطرة ويفاقمها ويشعل سعيرها ويعجز عن حلها فيجعل منها ازمة وطنية شائكة ليس لها طرف  يضرب ثم يسجن اقاربه فيتحول من مصلح الى طرف ازائهم فلا يتركهم الا وقد اهرق دمائهم يرب اخته العروس في ليلة الزفاف وخاه المريض ويجادل مع امه فيسمع خواره من الجار السابع يحب الكسب السريع وان كان محفوفا بالمخاطر او اقترن بالحرام .ثم لايجد حرجا عندما يتبنى معالجة قضايا الشعب والوطن في حجمها الكبير
لايتعلم من اخطائه وان اصبحت مخلة او فاضحة. يضرب الحق في عرض الحائط من اجل الحمية الجاهلية الأولى. يخاف من الفقر كثيرا لكنه لايحفظ النعماء. رث الهندام وفقير في الإتكيت، وقليل المعرفة… ومع ذلك يفتي في كل موضوع. صوته مرتفع ويداه تصوران كل كلمة يتلفظها بشكل يثير الريبة.
يستكفي القليل من العلم ليصور نفسه بعدئذ من كبار العلماء  … لأن الأجواء السائدة في بلده  تجيز له وبذلك  يكون حاكما للبلاد فجاة ومنقذها !

ولا شك بأن  مداركنا ووعينا إنما تتتشكل تاسيسا على المصادر الاعلامية والثقافية والتعليمية التي ننهل من ينابيعها والالتزام بمصدر معين او مصادر مختلفة ومتعددة ذات مشري واحد يبقينا اسارى للقسرية وان اعتقدنا اننا احرار ومن اراد ان يمارس حريته الحقيقية فان عليه ان ينبثق من تابوت هذا الاعتقاد ليسير في فسحة الكون وينهل من جميع منابعه ويستشرف افاقا اوسع من تلك التي يستقي منها ثقافته ..
على ان امضى اصناف التزييف والتضليل هو ذلك الذي يجعلك تتوهم بانك حر في اختيارك بينما انت في الحقيقة لاتستطيع ان تتبنى اي خيار اخر إلا ما يتركونه لك من حرية الاختيار ..هذا الصنف من التضليل الاعلامي الذي يستهدف الجماهير فيعبئهم بمعلومات خاطئة او صحيحية بشكل انتقائي ومدروس وممنهج لصياغة وعيهم نحو اتجاه معين بما يخدم سياسيت محددة ..

هذا التضليل في نتائجه  اخطر من الاستبداد الواضح الجلي  الذى يحكم فيه المستبدين  بالحديد والنار لانه فى الحالة الثانية تكون الشعوب حذرة ومحترسة ومحتاطة  بان هناك من يصادر حريتها فيكون ذلك مستفزا ومحرضا لها على الثورة بينما تتوهم الشعوب في الحالة الاولى  انها تمتلك الحرية الكاملة فى اتخاذ قراراتها وهى غير متنبهة لاثر المصادر التى تستقى منها معلوماتها فى تشكيل وعيها وفقا للخطوط المرسومة لها .. وكثيرا ما نعتقد اننا مخيرون بينما نحن في الحقيقة مسيرون فى مساحات كبيرة.. فالطفل مثلا ينشأ فى بيت ابويه فيشكل ابواه مصدر وعيه الاول ويسقيانه اخلاقهم و قيمهم وسلوكياتهم فينشا كما عودوه يوالى من والاهم ويعادى من عاداهم وهو يظن أنه حر فى قراراته وأنه اتخذها بمحض إرادته ولو فرغ للجلوس  مع نفسه فى ساعة صفاء  لأدرك أنه يسير فى اتجاه حتمى ؤسمته له البيئة التى نشأ فيها ولو قدر له أن ينشأ فى بيت تلك العائلة التى يعاديها أبوه لاتخذ نفس موقفها ولعادى أباه الذى يواليه الآن ولتغير موقفه