يبدوا ان الحوثي قد فقد بصره أو أنه قد اصيب بعمى الالوان مالم يكن ذلك ناتج عن عاهة مستديمة خلقت معه بحيث لم يعد قادر على التمييز بين اللون الاحمر واللون الاخضر اللذان زين بهما راية الموت التي اتخذ منها شعارا مأتمياً لحركته المشبوهه ،، مثلما لم يعد قادراً على التفريق ايضاً بين المقاصد المعنوية التي يتبناها لها في هذا الشعار وبين تلك الاهداف الميدانية الحية التي بات يحققها او يطبقها بشكل عملي على الارض اليوم ،
لذلك فقد وجب علينا ان نرشده الى سبيل الحق واليقين ونوضح له ما اختلط عليه بين تلك الامور لعله يعود جادة الحق والصواب ونقول له :
بأن الجنوب ليس هو امريكا التي يرجوا لها الموت في ذلك الشعار الذي يتبناه ،،
وبأن عدن ليست هي إسرائيل التي يدعوا عليها بالموت ايضا في هذا الشعار نفسه ،،
وبأن ابناء تعز ليسوا هم اولئك اليهود الذين يلعنهم فيه ،،
وبأن الاسلام برئ منه ومن افعاله براءة الذئب من دم ابن يعقوب وبأنه من المحال ان ينتصر بهذه الافعال إن لم يكن بذلك قد رفع راية الهزيمة النكراء التي ارادها له ،،،
مما لاشك فيه بأن السعودية ومن بعدها بقية دول الخلييج قد استشعرت بحجم الخطر الحقيقي المباشر الذي باتت تواجهه منذ ان بسط الحوثي يده الطولى على ترسانة السلاح التي ظل يختزنها الرئيس المخلوع صالح خلال مايزيد عن ثلاثة عقود زمنية مضت من حكمه الجائر على الشعب اليمني وبقي محتفظا بها تحت سيطرته المحكمة حتى الان رغم سقوطه المدوي عن عرش الحكم منذ بضع سنوات سابقة قبل ان يقرر اخيرا وضعها تحت تصرف الحوثي الذي سرعان ما أخذ في تصويبها الى المدن والاراضي السعودية المتاخمة للحدود اليمنية التي جعل منها ومن سكانها الآمنين هدفا لقذائفها ونيران مدفعيتها التي اطلقها عليها بشكل عشوائي بعد ان كان قد اجرى مناورات عسكرية استعراضية استفزازية على مقربة منها في وقت سابق قبل ان يقرر الاتجاه وحليفه الماكر بجيوشهم ومليشياتهم وآلياتهم ومعداتهم واسلحتهم العسكرية والحربية لغزو الجنوب قاصدين تكريس وتجديد إحتلالهم المغولي البربري الثاني لها بعد مايربوا عن عشرون عام مرت على غزوتهم العسكرية الاولى التي تمت لها بذات الطريقة مع الإختلاف العكسي الشديد في الذريعة فقط التي رفعوها هذه المرة عن تلك التي رفعوها في المرة السابقة ،،
على ان خطوة واحدة فقط من هذه الخطوات العسكرية المتهورة الثلاث التي اقدم على تنفيذها الحوثي ومن تحالف معه تباعا خلال وقت قصير كانت اكثر من كافية وحدها لتستشعر السعودية قبل بقية الدول الخليجية الاخرى بمستوى الخطر وحجم التحدي وتدرك ابعاد التهديد الامني الذي بات يمثله عليها ذلك بشكل سافر ومثير للخوف والقلق في آن واحد ،،
ولعل السعودية لم تكن لتنتظر او لتحلم بفرصة ذهبية تقدم لها الذريعة المنطقية المقبولة والحجة الموضوعية المعقولة الكاملة لتبرير تدخلها العسكري المسنود بتأييد ومباركة المجتمع الاقليمي والدولي لها في اليمن احسن واجدى لها من تلك الفرصة التي قدمها اليها الحوثي ذاته ومن يقف خلفه على طبق من ذهب عبر تماديه في تهوره الى ذلك الحد الذي جعله يقدم على تنفيذ الخطوة الثانية التي امتدت من صنعاء الى عدن لملاحقة الرئيس هادي الذي مالبث يلتقط انفاسه ويسترد عافيته فيها منذ ان وصل هاربا اليها من خلف اسوار قلعة الحصار الذي كانوا قد فرضوه عليه داخل منزله بقوة السلاح في صنعاء حتى وجد نفسه مجدداً وهو يقف محاصراً بهذا العدد الكبير من الجند الذين أحاطوا به من الامام فيها على مشارف الغرق في أعماق مياه بحرها التي احاطت به من الخلف ولم يجد منقذا له يمكن ان يستغيث به للخلاص من شرهم هم فيسمعه ويسارع الى نجدته وتخليصه من عدوانهم اقرب اليه من السعودية التي ماكانت لتعثر هي الاخرى بين كل الاسباب الاخوية والاخلاقية والسياسية قبل المذهبية والامنية فضلا عما يفرضه عليها واجب علاقات العروبة والجوار التي تربطها باليمن سببا وجيها واحدا يمكن ان تقدمه وتتذرع به لتعليل تأخرها او تلكؤها عن الاستجابه اليه وتلبية دعوته بصورة عاجلة على نحو ماجرت به الاحداث فعلاً على ضؤ ذلك ،،
واذا كان "السيد" قبل " الزعيم" على وجه الخصوص لم يجد عدوا خارجيا حقيقيا يمثل تهديدا على امن واستقرار وسيادة اليمن ليوجه اليه فوهات وقذائف هذا السلاح الذي ما كاد يضع يده عليه حتى صوبّه الى صدور ورؤس اخوانه واهله من ابناء هذا الشعب الذين يفترض ان يحميهم ويدافع عنهم ويذود عن كرامتهم واستقلالهم وحريتهم به قد اعتبر ان الرئيس الشرعي الذي اختاره الشماليون قبل الجنوبيون لقيادة وحكم البلاد في هذه المرحلة الفارقة العصيبة من تاريخها الوطني والسياسي الذي تمر به هو العدو الحقيقي الذي ينبغي ان يوجه اليه هذا السلاح ويقاتله به ويتخذ من ذلك مبررا لإجتياح الجنوب التي جعل من ارضها مسرحاً مأساوياً للحرب الاهلية المسعورة الشعواء التي اعلنها بالفعل على اهلها المسالمين فإن اولئك الذين يزعمون بأن هادي قد أخطأ عندما استجار بالسعودية لحمايته وحماية شرعيته الدستورية وحماية الجنوبيون من العدوان المسلح الذي شنه الحوثي واعوانه عليهم لم يخبرونا بشئ عن الصواب الذي كان بوسع الرئيس هادي ان يفعله لهم بدلا من ذلك ولم يفعله وفعلوه هم نيابة عنه ،، كما لم يخبرونا بشئ ايضا عن خيار واحد فقط من تلك الخيارات البديلة التي تركوها امامه كي يتبناها في تعاطيه معهم عوضا عن ذلك ولم يتبناها ،، فهل كان من المفترض عليه بالنسبة اليهم والحال كذلك ان يستسلم ويسلم نفسه لهم ليقتلوه ويمثلوا بجثته في الشوارع او على الاقل ليعتقلوه كما اعتقلوا اللواء " الصبيجي" بعد ذلك ،، أم كان يجب عليه في رأيهم ان يقضي ما تبقى من عمره القصير في عزلة عن الدنياء رهن الاقامة الجبرية التي فرضوها عليه في بيته حتى يتوفاه الله ،،؟؟
فهل هذا هو الصواب الذي لم يفعله هادي لهم في نظرهم ،،ام ان العمل الصائب في شرعهم هو ان يتحالف اعدأ الامس مع بعضهم اليوم لخوض حروبهم الغادرة النكراء ضد من كانوا حلفاء لهم بالامس ،، فيقيم الحوثي مع الرئيس المخلوع صالح الذي سبق وان خاض ضده ست حروب عسكرية طاحنة لم تجف دمائها بعد في صعدة وجبال مران قبل ان يتم خلعه وعزله والاطاحة به من سدة الحكم حِلفاً عسكريا ثنائيا جمع بينهم في ليل المؤامرة التي اشتركوا في تدبيرها وحياكتها وتنفيذها للنيل من الرئيس هادي يصفته الشرعية وهيئته الاعتبارية وهيبته الدستورية وشخصيته الوطنية الذي انتقلت اليه السلطة مع كافة الصلاحيات الرئاسية لممارسة مهام ووظائف منصب الرئيس اللاشرعي المخلوع بقوة وشرعية ارادة جماهير الثورة الشعبية الشبابية التي اطاحت به بعد عام فقط من قيامها ضده في مطلع العام2011م وارغمته بعد ذلك على القبول بمبادرة نقل وتسليم السلطة التي تبنتها وتقدمت بها ورعتها واشرفت عليها الدول الخليجية الست بما وفرتها له وعائلته وكثيرا من اتباع نظامه الفاسد من الضمانات والحصانات السياسية والقانونية التي لم يحظى او يحلم بها حاكم مجرم مثله ما اعفاه وهم معه من الملاحقات والمحاكات القانونية والجنائية والقضائية التي كانوا يستحقونها لقاء الجرائم الجماعية التي لطالما ظلوا يرتكبونها دون رحمة او هوادة منهم بحق هذا الشعب طوال ثلاثة وثلاون عام سابقة من حكمهم الاستبدادي الظالم عليه،،
الا ان صالح ماكاد ليكمل العامين في التزامه ببنود وشروط ومقتضيات هذه المبادرة التي كانت قد اكتسبت الصفة القانونية والشرعية للمعاهدات منذ ان اضطر في نهاية المطاف للتوقيع عليها في الرياض مع بقية القوى الوطنية والسياسية والثورية المعنية التي وقعت عليها من جانب مقابل له حتى تمكن اخيرا - وبعد محاولات بائسة لم يتوقف عن بذلها خلال تلك الفترة - من خرقها والنكث بإلتزاماته حيالها عندما تحالف هذه المرة مع "السيد" في حملته العدوانية المسلحة التي قادها على الجنوب واهله سعياً خلف الرئيس هادي الذي لم يرعووا ولم يتورعوا عن الاغارة عليه وقصف بيته من الوهلة الاولى في عدن بقنابل وصواريخ طيرانهم الحربي الذي ساند زحفهم البري البرري الغاشم على ابناء الجنوب الذين قابلوهم بالرفض والمقاومة الشعبية التي مازالت صامدة امامهم حتى هذه اللحظة،،
فإن لم يكن إقدامهم على خرق هذه المبادرة على تلك الشاكلة التي تم بها الامر يمثل بالنسبة للسعودية التي احتضنت مراسيم حفل التوقيع عليها في الرياض برعاية خليجية وبمشاركة عربية وبحضور دولي وبتمثيل وإشراف اممي إنتهاكاً سافراً وطعناً غادراً من قبلهم في شرعية القانون الدولي الذي يقر ويعترف ويمجد ويصون ويحمي حقوق حرمة وقدسية العقود والعهود والمواثيق الوطنية والسياسية والدبلوماسية والدولية السامية التي يتم إبرامها بين الاطراف ذات العلاقة على كل المستويات والاصعدة فإنه لابد وان يكون قد حمل لها معه من المخاطر والمخاوف والمبررات المنطقية مايكفي لدفعها ومعها بقية دول الخليخ على وجه الخصوص أكثر من اي طرف آخر غيرها للتدخل العسكري التلقائي المباشر في اليمن إنطلاقاً مما تفرضه عليها في هذه الحالة طبيعة الدور السياسي والاخوي الذي ادته ومازالت تؤديه حتى الان تجاه اليمن منذ نشوب الازمة السياسية التي تمخضت عن الثورة الشعبية التي قامت ضد صالح فيها انذاك وعملاً بما ترتب عليها على غرار ذلك من الالتزامات والفروض الاخوية والقانونية والامنية نحوها في حماية حرمة شرعية هذه المبادرة من عبث العابثين ومروق المارقين دون ان تطلب او تنتظر دعوة او إذناً يسمح لها بذلك من قبل الرئيس هادي الذي لم تنتقل اليه السلطة ولم يتسلم مقاليد الحكم وزمام القيادة ليصبح رئيساً شرعيا لليمن بموجب مقتضيات ما قضت به بنود وشروط وحيثيات هذه المبادرة وحدها وكفى بل وبموجب ما قضت ايضا به نصوص مواد الدستور اليمني المتعلقة بآلية إنتقال السلطة من الرئيس الى نائبه في مثل هذه الحالات ناهيك عن الثقة الشعبية الكبيرة التي اكتسبها من أصوات الجماهير الغفيرة التي تهاففت عشية الانتخابات الرئاسية المبكرة التي اجريت بعد ذلك الى مراكز الاقتراع لتمنحه القوة الكاملة للشرعية الشعبية والدستورية التي سحبت من الرئيس اللاشرعي السابق المخلوع الذي اغتصبها واستحوذ عليها وظل محتفظا بها طوال عقود وسنوات حكمه بشرعية القوة وحدها التي لا يزال محتفظاً بها رغم مرور بضع سنوات على انكسار صولجان حكمه وانفراط عقد سلطانه دون ان يسلمها حتى الان الى الرئيس هادي الذي بقي بسبب ذلك خلال هذه السنوات القليلة التي جلس فيها على كرسي الحكم في موضع الضعف منه حتى وجد نفسه اخيرا محاصرا وملاحقا ومستهدفاً بها ،،،
ولما لم يكن الرئيس المخلوع صالح سوى واحد من اولئك الحكام العرب الذين يساوون مصالحهم الشخصية والفردية الضيقة بالمصالح الوطنية العلياء الجامعة لشعوبهم التي يضعونها منهم في المنزلة التي لا تليق إلا بهم امامها بينما يضعون انفسهم في المنزلة العالية التي لا تليق ولا تنبغي إلا لشعوبهم ، فيحلون محلها الواسع الرحب الذي يجبرونها على المغادرة منه لتحل هي في محلهم الضيق الذي يحشرونها للعيش فيه عنوة ، فلا مدعاة للعجب إذن إن رأينا مثل هذا الرجل عندئذٍ لا يلوي بالاً من الاهتمام وهو يجلس على عرش الحكم الذي اغتصبه من اهله بغير الحق تجاه الواجب الذي يقع عليه كمواطن قبل ان يكون رئيس امام هذا الشعب الذي كان يحكمه ولا يشعر بقدر من المسؤلية الوطنية والاحلاقية والتاريخية والانسانية التي لم يتحملها يتحملها كرئيس لخدمة هذا الوطن وبناءه وحمايته والذود عن حياضه والدفاع عن ارضه وعرضه وحرمة تربته واستقلاله وسيادته وحريته وكرامة ابناءه واهله كذلك الاهتمام البالغ الذي كرسه طوال عقود وسنوات حكمه لتحقيق غاياته الشخصية ومنافعه الفردية والاسرية والقبلية من خلال توليه لهذا المنصب في اوسع ما أستوعبته حدود الانانية الفردية التي يمكن ان يصل اليها الانسان العادي على حساب المصلحة العلياء للشعب واستقراره الاجتماعي والمعيشي والاقتصادي العام ،،
فما كان لرئيس فاسد وظالم وقاصر وعاجز وفاشل وناقص واناني كهذا الرئيس إلا ان يعيش حياته ابداً كما يعيشها هو في قلق وخوف ورعب وتوجس دائم لايزول عنه البته من الخطر الوشيك الداهم الذي يتحسب لإنقضاضه عليه في اي لحظة من قبل الشعب الذي يعتبره بمثابة العدو اللدود الاول والاخير الذي يقض مضجعه ويتهدده بالخطر المباشر الذي يمثله عليه وعلى كرسي الحكم والذي ينبغي ان يحترس ويحتاط ويحتمي ويحمي نفسه ويستنفر كل حذره منه ويستعد له بالعدة والعتاد ومن قوة البطش والتنكيل مايبقيه في مأمن من خطره لثلاثة وثلاثون عام كاملة قضاها على كرسي الحكم بشرعية القوة وحدها،،
تعليقات