لعله
لم يكن حريا بالشباب الثائرين ان يغادروا ساحات الثورة والاعتصام في
مسيرات حاشدة تجوب الشوارع القريبة منها للمطالبة بمحاكمة صالح مباشرة بعد توقيعه
على المبادرة الخليجية التي يفترض ان تعفيه من المساءلات القضائية
والقانونية عن اي تهمة قد تنسب اليه او تدينه واعوانه بارتكاب جرائم بحق الشباب المطالبين بالتغيير ...
ذلك لان الطرف الوحيد الذي استفاد منها (المسيرات ) اكثر من اي طرف اخر انما هو الرئيس وحده ...ففضلا عن ان هذه المسيرات قد فتحت امامه بابا للخروج من المأزق
الذي ماكان يفكر او يحلم بأنه سيخرج منه مهما حاول واجتهد بعد ان وقع على
المبادرة الخليجية الا بالسقوط في قعر المنحدر الذي سعى بكل حيلة وبكل
اصرار على اجتنابه وتلافي الوقوع فيه طوال الفترة المنصرمة ,فإلى جانب ذلك فقد استطاع ايضا _سواءبقصد منه ام بغير قصد_ان
يستغل هذه المسيرات للظهور امام العالم من ورائها بغير وجهه القبيح الذي
رسمه عنه الشعب لديه وبخلاف صورته الوحشية التي عرفها به الجميع في الداخل
والخارج وانه انما هوذلك الحمل الوديع الذي افترا عليه شعبه ومازال يمارس
افتراءاته عليه حتى بعد ان استجاب لكل الدعوات والمبادرات والمنشادات الشعبية
والاقليمية والدولية التي تطالبه بالرحيل في حين اسقطها الشعب ورفضها بل
وتبرأ منها وخرج في مسيرات حاشدة ليطالب بمحاكمته على مرأى ومسمع من العالم
الذي قدم هذه المبادرة وايدها وطالبه بتنفيذها عملا بمايحقن دمائهم ويحفظ ارواحهم ويبدوا
بانه قد نجح من خلال ذلك في استعادة واستدرار تعاطفهم معه محليا واقليميا
ودوليا ...وهو الباب ذاته الذي انطلق منه ايضا في طريق عودته
لمزاولة مهام منصبة مجددا كرئيس لليمن وهو يحمل من مبررات العودة مايجعله
واثقا من نفسه هذه المرة اكثر من اي وقت مضى بل وقادرا بالانقلاب على
المبادرة الخليجية دون ادنى شعور بالحرج ودون ان يجرؤ على انتقاده احد لا
من الشباب ولا من الاحزاب ولا من الدول ...فهو يملك مايرد به عليهم ..وبحسب
ماجا في تصريحات الامين العام للامم المتحدة التي تناقلتها وسائل الاعلام
في وقت سابق فقد كان عليه فور الانتها من مراسم التوقيع على المبادرة
الخليجية في الرياض ان ينتقل للاقامة في نيويورك بدلا من العودة لليمن
ليزاحم نائبه في الصلاحيات الرئاسية التي يفترض ان تكون قد انتقلت اليه
بمجرد توقيعه على المبادرة....غير انه قرر العودة لليمن بعدما شاهد تلك المسيرات التي خرجت تطالب باسقاط الحصانات عنه ومن معه ..
.
في معرض من يبررون لانفسهم كما يبررون للاخرين ايضا اسباب
قيامهم بتلك المسيرات سمعت من يقول بان علمهم المسبق بنوايا الرئيس حول
التزامه وجديته بتنفيذهذه المبادرة من عدمه وانه كان سينقلب عليها في كل الحالات قد
دفعهم للخروج في تلك المسيرات ,وفات عن هولاء انهم بهذه المسيرات يكونوا قد
استبقوه بتقديم العذر الشرعي باكثر مما كان يحتاج اليه ليس فقط للانقلاب
على المبادرة قبل ان يجف حبرها بل ولضربهم ايضا وارتكاب المجازر الدموية في
صفوفهم دون ان يجد العالم من حوله ذريعة لايقافه او منعه او حتى سببا
لادانته بها .. أفلم يكم بوسع هولاء الشباب تاجيل هذه المسيرات ومطالبهم
فيها ريثما ينقلب عليها هو ان كانوا متاكدين كما يزعمون بانه سينقلب عليها
وانه لن يلتزم بماوقع عليه فيها مع انهم يعلمون تماما بانه لو كان بمقدوره ان
يفعل ذلك دون عذر مقبول او سبب معقول لقام بعملية التوقيع عليها منذ
البداية ولن يلجا للماطلة والتسويف للهروب من التوقيع عليها كل هذا الوقت
...بل انني سمعت من بينهم ايضا من يبرر ذلك بالقول بانه لايصح ولايجوز لمن
اعطاه حصانة قضائية من المحاكمات التي يجب ان ينالها لقأ جرائمه بحق الثوار
ان يعطيه مثل تلك الحصانة ابدا وان ذلك لايعدوا ان يكون اقل من خيانة
لدما الشهداء, وكأنهم لايعلمون على الاطلاق بان تلك الحصانة انما منحت لهم قبل ان تمنح له واعوانه واستهدفت حقن دمائهم وحفظ ارواحهم من مجازر القتل
والترويع التي ماكان له ان يتركهم يعتصمون في الشوارع للمطالبة باي مطلب
بسيط من مطالبهم الشرعية دون ان يرتكبها ضدهم حتى اخر نفس فيهم ,فما ظنهم
بالحال وهم يطالبون باسقاطه بل وبمحاكمته ايضا ,,افلا يعلمون الى اي مهلكة
دموية يدفعون بالشباب وكثيرا من المغرر بهم والى اي مصيرمظلم يجرون الوطن
ويزجون بابناءه من خلف رفعهم لهذه المطالب ..
ونخشى على هولاء وامثالهم
من مغبة اصرارهم العجيب على فرض هذه المطالب التافهة على نحو مايجري ,
فيكونون شركا مع النظام بالقدر الاكبر في تحمل المسؤلية عما قد يترتب على
ذلك من مجازر دموية بشعة بحق الابريا من الثوار فيصبحون عرضة
للمحاكمة من قبل الشعب اكثر من اي طرف اخرواكثر من هولاء الذين يطالبون بمحاكمتهم اليوم حتى بعد ان وقعوا على المبادرة