يالها من شهور ليست كالشهور…اكثر من عشرة اشهر انصرمت وقد رجت الارض فيها رجا ، تغيرت نفوسنا، وغادرت خوفها الازلي، وباتت تتطلع إلى أي شيء من أجل وطن حر وكريم، خارطة علاقاتنا الاجتماعية تغيرت، خسرنا الكثير ممن كنا نعدهم أصدقاء، وكسبنا أصدقاء جدد، ولعلنا حين نقارن قارن بيئة العلاقات الجديدة،نراهاصحية أكثر على الرغم من تأسفنا على من خسرناهم ، والذين كان يجب أن نخسرهم طالما بنيت علاقتنا على مداراة وتنازلات من طرف واحد ، الفارق بين هوانا وهواهم، أن رغبتهم بقيت مناقبها محصورة بهم، بينما حلمنا كان ومازال يتسع للجميع.
اكثر من عشرة اشهر اماطت الاقنعة، وأزالت الالتباس عند الناس، بين من هم غارقون في آثام النظام يتنعمون بأسلابه اولئك المستفيدون منه في كل حالاته اولئك الذين يحولون الازمات الى فرص للكسب وبورصات للستثمار الرخيص ، وبين من عانوا طويلا وباتوا يحلمون بيوم لا ينهش القوم ما تبقى من لحومهم الهزيلة،ولربما كشفت معادن من كنا نحسن الظن بهم أو نسيء الظن فيهم، وعلى صعد مختلفة، في السياسة وفي غير السياسة ايضا…، وأكدت لنا أنناكنا مرتهنون لعصابة عائلية يحف بها منتفعون لا ميزة فيهم سوى خساستهم، وفيهم من قضى عمرا ينظر للحرية والكرامة، فلما سمع الشباب ينادون بهما نكص على عقبيه، ونكث بكل قيمة ادعاها، ليرمي هؤلاء الثائرين من أجل حق لا مراء فيه، بأقذع الصفات وأحط النوايا، فقط لانهم يشكلون خطرا على ما يكسبه دون وجه حق! وما يستحوذ عليه دونما وازع من خلق او دين او ضمير!
عشرة اشهر مضت والحلم يكبر، ويكبر معه الوطن، يصمد الشباب في جهرهم بالحقوق، فتطلق السلطات الغاشمة للنظام كلابهاالمسعورة لقتلهم وتقتل من لا يقتلهم، نظام لا يكتفي بقتل ضحيته، لكن يطالب بدمها أيضا من ذويها فتقتلهم أيضا في مواكب العزاء ومجالسه، ، وأزلام النظام ومنافقوه القلقون يسعون سعيهم للمتاجرة بالدماء الطاهرة التي سكبت بشجاعة على التراب السليب لمدة تزيد عن ثلاثة عقود،
نقدرونتفهم كشعب او حتى كافراد من ابنائه لمن استطابوا العيش في ظل النظام (مطبلين) له على حساب أخوتهم في الوطن، الذين استخدمهم واستخدموه في صفقات مشبوهة تعالج بالتشريع ولا تدخل أبواب المفاخرة ابدا نتفهم كل تشريعهم، ونبتلع كل الغبن الذي لحق بنا طوال الوقت، مقتنعين بأننا لم نواجه الطغاة فنابنا منهم ومن تابعيهم ما ينوب الغارقين في في مستنقعات الذل والمهانة، نتفهمهم بأقصى ما يمكننا بذله من تفهم وتسامح، لكن عندما ينهض الشعب في وجه الطاغية متأملين غدا يليق بهم، علينا أن نراجع ما اعتدنا عليه، وعلينا أن ننظر مليا في السائد الذي لا يحتاج دليلا على بؤسه وانحطاطه.
الم يكن حريا بالمستفيدين أن ينظروا بامعان في مكاسبهم وخسائرهم قبل المضي في طريق الظلم هذا، أليس الجدير بهم أن يقارنوا بين ما يكتسبونه من نظام جائر، وبين ما ينتظرهم عند زواله؟ ألم يكن من مقتضيات الحكمة ألا يؤجلوا هذا السؤال وسمات التداعي والانهيارمنذ ان بدأت تظهر جلية على النظام؟ ألم يكن من واجبهم أن يتخلوا عن طقوس العبودية لطاغية يحتضر؟
نعم هم يتنعمون بالمحسوبية والرشوة والمناطقية … لكنهم خدم وأدوات لمجموعة من المستأثرين بالثروة والسلطة، يتمتعون بما لا يجوزان يتمتعوا به دون بقية ابنا الشعب ، لكن هل يحرمون من متعهم إذا رحل النظام؟ هل يخسرون مكاسبهم؟ وما الذي سيكسبونه إذا رحل؟ هي أسئلة ربماتكون أدنى من ان يجاب عليها في ظل قيم وطنية، ولكن لنحاول النظر وفق رؤية عملية او نفعية متحررة من القيمة، لندرك إلى أي مستقبل ننحاز… كيف لبناء ناعم فاره أن يمتعنا بالسكن فيه وحوله مساكن من خشب مهترئ او (كراتين )مليئة بالبائسين، وكيف للعشش (وحياة الارصفة) المزدحمة بالمشردين أن تعوضنا عن حديقة غناء دائمة الربيع،وكيف لاصحاب المناصب والوظائف والمرتبات والمكفاّت الجزيلة والعمولات الضخمة ان يعيشوا وسط اولئك الذين لايجدون قيمة مايسدوا به رمقهم من الجوع وشظف العيش إن الأمر يحتاج إلى بعض تأمل لندرك فداحة ما نخسره، وهزال ما نكسبه. سواء فيما نستمتع به، أو فيما ندخره لغدنا، أو ما نخبئه لأجيالنا القادمة.
لعل هولاءالمستفيدون بولائهم يتمتعون بشيء من المحسوبية التي تذلل الصعاب وتخفف من عوائق النظام التي يلجم بها أي نزوع للمنافسة، والتي ظل عبرها ينهب الناس ويضيق عليهم حياتهم ويختزل أحلامهم، ويتمتعون بغض النظر عن استثمار وظائفهم ومناصبهم أو التحايل على القوانين في جني اموال الفقراء، أو التمتع بخدمات لا تتاح لغيرهم ممن يستحقونها بالفعل ، وهي أمور من حق أي إنسان أن يتمتع بها دون منة أو تفضل، فعندما يغيب الاستبداد يمكن للجميع أن ينتفع بها، فالاستبداد يصادر من الناس حقوقهم، ليغدق على بعض (من يستخدمهم في قمع معظمهم) بجزء يسير منها... لذلك فإن التخلص من الاستبداد يعني أن أحصل على المزيد دون أن يخسر غيري ما هو له. أن أستمتع بما أكسبه دون خوف على فقدانه، ودون أن استثير حقدا أو حنقا عند مظلوم أو مسلوب أو مهان، من يقومون بخدمة النظام وضعوا أنفسهم في واجهة الصراع، يسلبون أخوتهم الكثير لينتفعوا بالقليل الذليل.
المستفيدون بتطبيلاتهم (احيانا تاخذ هذه التطبيلات شكل العداوة مع النظام كما يحدث الان من البعض في الساحات ممن لايهمهم الامرلو طال بهم البقاء فيها كان ذلك سببا لحصولهم على بعض الفتات )يقومون بسلب حرية أخوانهم، بالمساعدة في قمعهم وإذلالهم، فيضعفون بضعفهم، ويذلون بذلهم، ولا ينتبهون أنهم يذلون أكثر ممن يسحقونهم خدمة للنظام، لأنهم أقرب إلى سدنة النظام، الذين لا يرتضون أي احد إلا إذا كان حذاء لهم. وشتان بين من ينحني من أجل مطمع بخس، وبين من يأبى الانحناء مهما تعرى وجاع وتعذب… من يتعرض للذل اختيارا وطمعا لا يمكنه بحال من الأحوال أن يبلغ أو يتساوى مع من يتعرض للذل كرها وعدوانا.
المستفيدون المطبلون يبيعون مبادئهم في اسواق الانانية والربح والرخيص بل انهم يتاجرون بقيمهم الاخلاقية والوطنية في حوانيت العرض والطلب و لا يدركون أن مشاهد البؤس التي تحيط بهم لن تتركهم يتنعمون بنعيمهم الخاص، إذ لا يمكن للمتعة أن تبلغ مداها وهي محفوفة بألم محيط، ليتصورا نعيما اقل في وسط عادل وكريم وحر، سيدركون كم هم خاسرون مع كل ما يظهر لهم من نعيم، وكم هم رابحون إذا غابت الامتيازات التي حازوها دون وجه حق او على حساب اخوانهم.
المستفيدون يساندون النظام في قمع الناس وسلبهم حريتهم، ولكن هل ينالون الحرية، هل يتمتعون بلحظة حرية، لا شك بانهم أكثر من يفتقدها، وخاصة في اضطرارهم أن يتخلوا عنها حتى في قلوبهم من أجل إرضاء سادتهم.كما يظل الضمير ينازعهم المتعة اينما حلوا ويظلون نهشا للخوف وربما الندم ايضا ...
ألا تدفعون لحرامي مع كل اتصال تجرونه، ألا تعانون من سوء خدمة الاتصال بالشبكات مثلكم مثل أي مواطن آخر،الا تفتقدون للتيار الكهربائي طوال اليوم حتى وان اقتنيتم المولدات الصينية او اليابانية بما اغدقوه عليكم ليذهب مااغدقوه عليكم في قيمة مولد او قيمة وايت ماء او ثمن دبة بنزين .. ألا تضيق نفوسكم من الفوضى والغلاء والازدحام والفساد، ألا تعيشون هموما يومية تافهة تشغلكم عن الجوهري في الوجود الإنساني، أن تقضي نهارك منتظرا الماء ,إن تغافلك مؤسسة الكهرباء بفاتورة التيار دون ان تستهلكها، إلا تحلمون بالعيش مع وجوه مشرقة بالحرية، ونفوس منتعشة بالكرامة، ألا يستحق المواطن أي مواطن أن يكون من المكرمين إذا أخلص للوطن أكثر من تعبده للنظام!
الى ماذا نفتقر كي نبداء ببناء وطنا كبيرا موحد ؟؟
هل تنقصنا محاكمة الرئيس ؟؟وعائلته
هل هذا هو العائق ,,
أعتقد أنه ينقصنا أن نبدأ اولافي التفكير بتغييرالذات ومراجعة الحسابات التي اقمناها على قواعد الانانية والمصلحة الشخصية وان نتخلص من شهوة الانتقام ونزعة الاقصاء ونزوة الانانية
بالأمس خرج الشعب وأعلن بداية التغيير فلنتفق جميعا أن الوقت الآن ليس للمعارضة ولا للنظام . الوقت للوطن ..
أن المهمات والأهداف الوطنية والديمقراطية التي تضعها المرحلة التي نعيشها، وفي مقدمتها إقامة سلطة وطنية قوية ورشيدة تجتث الفساد والاستبداد، وتنهي عوامل القهر والهدر من كبت وجوع ومرض وإهانة وتخلف، وتحقق التنمية في شتى المجالات.. هذه المهمات والأهداف يهدد كل تقدم في طريقها مصالح حيوية لقوى سياسية واجتماعية مستفيدة من بقاءالنظام وهي ليست مكتوفة الأيدي ولن تألو جهدا في السعي لعرقلة ونقض الإجماع الوطني. وفي مثل هذا الوضع يجب أن نضع في الحسبان مفاجآت اللحظات الأخيرة المحتملة. خاصة إذا وضعنا في الاعتبار ما يقام به هذه الأيام من مناورات هدفها القضاء على المبادرة والوقوف في وجه توحيد كلمة اليمنيين حول ما يضمن نجاح تجربتهم الرائدة في التغيير. ولعل الفتن العنصرية والفئوية وحملات تمجيد الفساد والمفسدين والتشكيك في قدرات الحكومة المشكلة وتلك الاعتصامات التي بدات تنتشر امام الوزارات لمن يطالبون بحقوقهم ومستحقاتهم المكتسبة هي آخر الابداعات التي تفتقت عنها "عقول" قوى الردة والنكوص الآفلة؛ ناهيك عن الأدوار المخصصة للتخريب الاقتصادي ووضع العراقيل امام الحكومة الجديدة لاثبات فشلها وبانهم كانوا الافضل منهم حين كان الحكم بايديهم ..
ان ضعف وتفسخ بعض روافع المجتمع وارتباطها النفعي بنظام الفساد الذي ما يزال معششا في ربوعنا رغم سقوطه البطئ ، كل ذلك يزيد من صعوبة مهمة النواة الوطنية المتمردة على الفساد للانتقال التدريجي للتغيير الشامل دون صدام قد يكلفنا الكثير مما لن نستطيع ان نستعيده لاحقا ،
كلنا مع الثورة مسؤولون عن اقتلاع الفساد واجتثاث جذوره، وكلنا مع الإصلاح والتغيير، لكن ليس على حساب استقرار وأمن البلد وتجزئته وتفتيته كما قال نائب الرئيس، أو على حساب الشعب، ولنكن أكثر وعيا لمايطبخه النظام ومستفيدوه.. الذي ظل على الدوام يستأثر بالوطن كملكية خاصة به، وينظر إلى المواطنين كعبيد عليهم الخنوع قانعين بما قسم لهم. ...يمكن تفهم استراتيجية النظام الذي لا يحرص على السلطة فحسب، إنما يحرص على دوامها بكل أوجهها القذرة من قمع ونهب وقتل وتحريض الشباب ذلك النظام الذي عمل بكل وسيلة لايهام الشباب بان ثورتهم قد سرقت منهم وكانه يقول لهم بانكم انما خرجتم طلبا او طمعا في السلطة ولم تخرجوا من اجل التغيير وبنا اليمن فيسئ اليهم من حيث لايشعرون ويخلق العداوة فيما بينهم ومع القوى الاخرى . لاينبغي لصالح واعوانه ان يضيعوا من الفرص داخليا وخارجيا ما لم يتح لغيرهم، واليوم يحاولون معاقبة اليمن بأكملها، بأرضها ومواطنها ومستقبلها على إخفاقه هو ونظامه، وخاصة أن الحالة تأزمت إلى درجة لا تسمح بالنكوص، لا من قبل النظام الذي يدرك بأن الشارع لن يرضى بأقل من أفوله، ولا من قبل الشارع المنتفض الذي يدرك من خبرته المديدة أن النظام إذا تنفس الصعداء فسيحول البلاد إلى سجن وحشي عقودا أخرى. ولأ ينبغي ان يتملكنا هاجس السلطة أكثر من هاجس الوطن فنفقد الجميع ..
،وعلى الشعب بكافة أطيافه أن ينظر إلى الأزمة خارج الحسابات ضيقة الأفق، والتي تحاول أن تفسر الوطن على هواها، وهؤلاء الذين يتعامون عن الفجور الوحشي الذي يمارسه النظام على الأرض، معللين موقفهم بما يرددونه من أكاذيب سلطوية، هم يعرفون مدى وحشيتها ولصوصيتها وكذبها، أن ينحازوا إلى الوطن، وأن يبادروا إلى التخلي عن هذه الانانيةالتي تتجه بالبلاد إلى الخراب. أن ينظروا بوعي إلى الفرصة الأخيرة، أن يفكروا مليا في من يجب أن تقدم له الفرصة ليستمر، الوطن الذي يقدر الفرصة ويحتاجها لإنقاذ البلاد والعباد، أم النظام الذي بدد الفرص دوما ام المستفيدون منه على حساب الشعب وحقوقه وثرواته