الخطأ والوجب

ينسب الخطأ المقصود وغير المقصود عادة الى الفعل وفاعله قياسا على حجم الضرر الذي يلحقه بنفسه وبالاخرين معه او دونه ,, مقابل حجم الجدوى التي يحققها له ولهم او لغيرهم من الناس في نفس الوقت او في اي وقت آخر بسببه .فإن كان الضرر الذي ترتب على هذا الفعل اكبر في حجمه ومخاطره من حجم الجدوى التي ادى اليها او من حجم الغاية التي كانت مطلوبة من وراء القيام به فإنه يكتسب في هذه الحالة صفة" الخطأ " التي تنسحب في إقترانها بالفاعل ايضاً "كجريرة " ينبغي ان ان يتحمل وزرها والمسؤلية الكاملة عما جناه بهم من اضرار اخلاقية ومعنوية ونفسية واجتماعية ومادية وفكرية وعينية اصابت مصالحهم من خلال اقترافها بقصد او بغير قصد ,,
وبعيداً عن منطق القانون الذي ينص على ذلك "كفرض " يقع على المخطئ تجاه من أخطأ عليهم ،فإن كل الاخلاق والتقاليد والاعراف والآداب والسنن الاجتماعية والانسانية والثقافية التي سار عليها وانتهجها ألاولين والآخرين في كل مكان وزمان على هذه الارض منذ بدء الخليقة الى اليوم وستظل على ذلك الى الازل قد قضت بنفس ماقضى به القانون ايضاً ولكن "كواجب" هنا يقع على المخطئ وحده ومن اشترك بمستوى أو بآخر معه في ارتكاب هذا الخطأ حيال من اخطأ بحقهم تعبيراً عن توبته وندمه عنه وعما الحقه بهم من اضرار ومساوئ ،، ومن باب التكفير عن وزره وإبداء رغبتة واستعداده لإصلاح ما افسده وتقويم ما خربه من مصالحهم ..وتطييب نفوسهم من آثاره ،،
إن الإقرار بالخطأ قبل الاعتذار عنه هو من أول الفروض والواجبات والسنن القانونية والاخلاقية والادبية التي ينبغي ان يقوم بها "المخطئ" بمحض إرادته ومن تلقاء نفسه لمواجهة العواقب الوخيمة التي لابد وان تترتب عليه لينال تسامح " المجني عليهم " ويكسب رضاهم ويحظى بصفحهم وعفوهم عنه ...إن كان من الحريصين على ذلك وعلى إجتناب تلك العواقب التي غالباً ما تنجم عن التمسك به وعن محاولة إنكاره مع ثبوت الفعل الذي صدر عن الفاعل الذي ارتكبه ووضوح الاضرار التي نتجت عنه ,,وإصراره عليه على إعتبار أنه " صواب " مع كل مايترتب على ذلك من إنعكاسات وتداعيات وتبعات وعُقد وإحتقانات مأساوية مستمرة ,, فهذا امر مخالف تماماً لكل الاصول والثوابت والمبادئ والقيم والقوانين والسنن والتشريعات الارضية والسماوية السارية كقواسم مشتركة بين مختلف المجتمعات البشرية المتعاقبة التي توارثتها وتواصت وستظل تتوارها وتتواصى بها جيل بعد جيل واُمة بعد اُمة على هذه البسيطة منذ الازل والى الازل،،
إنه محمول على مصيبة كارثية توشك ان تحل بنا بكل الشروط والعلامات والمقاييس التي تدل على ذلك..
الخطأ لا يمكن بأي حال من الاحوال او مبرر من المبررات ان يكون "صواباً " ، والاصرار عليه لا ينطوي البتة على حكمة صائبة او غاية نبيلة قد تقتضيها اي مصلحة إنسانية ،،
الخطأ هو " الضرر ،، سبباً ونتيجة ،، وهل لانسان ان يقبل بالضرر لنفسه ... وهو " الباطل " ايضاً ،،شكلاً ومضموناً ،، فهل فيكم من يرضى بالباطل لذاته ولغيره ،،
ومهما يكن من أمر فإنه لايجوز ولايصح إطلاقاً ولا يعقل قط أن تحكم على إنسان وتقرر او ترضى له بالضرر والباطل لكي تتفادى "الحق" أو بدعوى حرصك على مصلحته من مساؤئ "الحق" ،، وأن تجبره على القبول بالامر اللا مشروع كي تبعده عن الامر المشروع ،، فيخسر الاثنين معاً "المشروع واللا مشروع "بسببك ،، إي انه لايجوز ان تحل الحرام بذريعة خشيتك من الحلال ،، وتحرم الحلال بذريعة الاطمئنان بالحرام ،، وليت ان هذه الاحكام تستند في إقامتها فضلاً عن ذلك على حقائق ووقائع ثابتة ولا تستند على مجرد شكوك واحتمالات ومخاوف " مرضية" وغير منطقية ولا تستقيم مع المنهج العقلاني الواقعي للتفكير في حين ان دعوى العكس معززة بكل الحجج والبراهين والبينات التي تثبتها وتفند تلك الشكوك وتدحضها تماماً......

تعليقات