ماذا يريد الشعب ؟؟؟؟




 آسئلة كثيرة تتوارد إلى الذهن عما يريده الشعب  في خضم  ثورته لاسقاط النظام  في الميادين والساحات  هذه الايام... إراداة الشعب المقهور والمخدوع بشعارات ترددت كثيرا عبروسائل اعلام موجهة وعبر ساحات وميادين ومباني وشوارع المدن التي تشوهت بتلك الشعارات الجوفاء والتي كان ظاهرها الحرية والعدالة والمساواة والديمقراطية بينما اثبتت حقيقتها على مدارالسنوات و العقودالماضية  انها كانت تقيد الحريات وترتكب المظالم

وتركز على التفرقة بين افراد واطياف  ومذاهب الشعب الواحد وتتحكم بمقدراته وقراراته وخيراته من خلال دوائر الفساد والافساد....فثبت بانها انما كانت مجرد مجموعة من المنتفعين والجهلاء ء من الاقارب والمافيات المرتبطة بها. لا انتخابات حرة ونزيهة ولامجالس نواب  ذات صلاحيات تشريعية ولا قضاء مستقل ولا اعلام حر.
ماذا يريد الشعب ؟؟؟

-- الشعب أو الغالبية العظمى من الشعب تريد أن تعيش عهدا جديدا لا شعارات جديدة ، عهدا ملؤه الأفعال لا الأقوال ، يطوي صفحة الحاضر الشاهد على إفلاس " القطيعة مع الماضي " وخيبة الأمل في " المفهوم الجديد للسلطة " ، ويؤسس لمستقبل تسوده الصراحة والثقة المتبادلة بين الحاكم والمحكوم وتعمه الحرية والعدالة والكرامة ، وهم يريدون لهذا الشعب أن يبقى في دار " قارون " لا يرى إلا ما سمح له بمشاهدته ، ولا يسمع إلا ما يرضيهم ، ولا يتحرك إلا بعد موافقتهم .

الشعب الذي أعاد للحاضر ثورات الماضي في صور أشد وأبلغ مما كانت عليه، وفي تحركات واعتصامات وتظاهرات عفوية سلمية تؤطرها لقمة الخبز وتؤججها نيران الغلاء في كل شيء، وتحركها الحاجة لكل ما يلزم لمقومات حياة إنسانية تليق به كشعب ينتمي إلى طينة البشر يريد أن ينسى أن وطنه لا زالت تحكمه العصاء وليالي الخوف والتوجس واصوات المدافع وهتك الأعراض
وعصا القبيلي وسجونه الخاصة وقانونه الشخصي ، وهم يريدون بإصرارهم على تكريس ذات الواقع  ونهجهم لسياسة القمع العابر للحدود وتدشينهم لعهد جديد من الاستبداد والعصبية والمحسوبية والعنجهية وشريعة الحروب وليالي الخوف و يريدون أن يؤكدوا لهذا الشعب أنه لا خيار له أمام ذلك الا ان يخرسوا ويصمتوا ..او يحفروا قبورهم الجماعية ..
الشعب يريد كغيره من الشعوب التي تعيش تحت وطأة الاستبداد السياسي أن يسقط ما لهذا الاستبداد من أصول وفروع وأن يؤسس لحاضر الديمقراطية الحقيقية ، حتى لا يتعايش بالجبر والإكراه مع سلطة واحدة تستولي على كل السلطات ولا تترك لغيرها سوى حقائب ملغومة يعجز حاملوها والراضون بها عن امتلاك مفاتيحها او فتحها دون تصريح منهم ، وهم يريدون لهذا الشعب أن يكون إمعة لا رأي له ولا سلطة يملكها حتى لا يضيق عليهم فيما يبخسون وينهبون ويسرقون من خيرات وثروات .

الشعب يريد نخبا تبني ولا تهدم ، تجمع ولا تفرق ، تغار عليه وتحمي مصالحه ، تمارس نقدا هادفا ، وتؤطر أجياله وتقيم ما في وطنه من اعوجاج وتخرجه من التربع على عرش الرتب المتدنية في كل المجالات والقطاعات إلى منافسة حقيقية على ما للتقدم البناء من معان وتجليات ، وهم يريدون نخبا تغرق في الفساد والمحسوبية ولا تعرف إلا نقدا مرتبطا بالجيوب ، نخبا تتغير قبل أن تغير ، ولا ترضى إلا أن تكون حائطا تعلق عليه الخطايا وتمسح بجنباته كل الزلات والتعثرات .

الشعب وكل الشعب يريد أن ينأى بأبنائه عن شرنقات البطالة المفجعة واليأس الفتاك والرتابة القاتلة ويقي ابنائه نيران الفقر وجمر الفاقة وذل السؤال ، وهم أيضا كحكام يريدون لأبنائهم ما يريده الشعب لأبنائه ، وما يريدونه لأبنائهم يحقق بسرعة مع بعض الزيادة والإضافة ولايريدونه لابناء الشعب  .

الشعب يريد لكل صوت حر أن يسمع ولا يقمع ، ويريد للمداد الصافي أن تكثر منابعه ولا تجف، وأن يخلى سبيل الإعلام الهادف ولا يضيق عليه ، وأن يترك لحال سبيله كل من يجعل من الحرف وسيلة للتغيير أو التعبير عن حلم يعشق الغد الأفضل ولا يتربص به الدوائر ، وهم يريدون لشاشات التطبيل والتبذيل الأخلاقي والفكري أن تطغى على غيرها ، ولجرائد الاكشاك المطبوعة بحبرهم ولغتهم التي تمجدهم يبتغون الازدهار والكثرة وعدم المنافسة ، وهم يريدون خطبة كل قلم يبيع نفسه وعرضه ومبادئه ويشجع على ثقافة الإتكال بثمن بخس حتى لا يُرى ولا يقرأ إلا ما يبثون وينفثون من هموم وسموم على شاشاتهم ومطوياتهم الرسمية .

الشعب يريد أن يمحو من قواميس اللغة والواقع ما اصطلح عليه باقتصاد الريع حتى ينسى ما في وطنه من اقتصاد بالفساد يمور ويموج ، عليه علية القوم تجمعوا، وبالنسب واللقب والقبيلة والكنية فوقه تربعوا، وعلى نهش ما تبقى من جسده العليل أجمعوا، وحتى يتناسى أن عشرة في المائة أو أقل من ذلك بكثير يملكون ما فوق أرض الوطن وما تحتها ويتحكمون فيما تحويه البحار وأعماقها، وحتى لا يتذكر أن البقية الباقية من المائة يحرم عليهم التقاط الفرص أو امتلاكها، ويردعون إن هم فكروا في يوم من الأيام أن يكون لهم حظ من الفتات المتساقط من على موائد "العمولات والسمسرة "؟؟؟.، وهم ـ أي الحكام ومن تبعهم وسار على اثرهم من التابعين والمستفيدين والمنتسبين الى نظام فسادهم   ـ يريدون محو كلمة " الحق في الثروة " من حيز الوجود ، ويرددون شعارا ورثوه ، يقول : "ما في الأرض وما تحتها لنا، وما في السماء لنا نصفه" ، ويريدون أن يبقى هذا الشعب نائما بدون أحلام قد تقوده إلى المطالبة بحقه في ما تزخر به الأرض وتجود به السماء .

الشعب يريد موازين لإصلاح قضاء معوج حتى ينصف في قاعات المحاكم ، وموازين لتقويم تعليم متأخر حتى يمحو عنه وعن أبنائه أمية تحول دون مزاحمته لركب الأمم الراقية ، وموازين تصلح حاله حتى يتمتع بعيش كريم ينأى به عن تقلبات الدهر وغدر الزمان ، وموازين تعيد له الأمن وتخلصه من مخالب الجريمة المتنامية واساليب الغش والخديعة والدجل  ، وموازين عدل تساوي بينه وبين أبناء حكامهم ومسؤليهم ، وموازين تحفظ كرامته في المستشفيات والإدارات العمومية وفي كل القطاعات والمجالات ، وهم يريدون موازين مخصصة للبهرجة ودواوين القات التي لايتسع لها امتداد البصر ، ويريدون موازين تنقلب فيها الموازين وتسمن فيها بطون البعض و يضحك بها على فئة عريضة من الشعب ، موازين يرقع بها ما لا يرقع ويخفى بها واقع الظلم والاستبداد والتهميش والتمييع .

ثمة أمورلا تعد ولا تحصى تدخل في باب الضروريات والحاجيات يريدها هذا الشعب ، وثمة أشياء يريدها من لا يريد ما يريده الشعب ، وبين ما يريده هؤلاء وما يريده الشعب تناقضات أنجبت ثورة  بدأ بتظاهرات الثالث من فبرايروماقبلها وانتهى إلى دخول كل فئات الشعب في اعتصامات مدنية بمختلف الساحات ، فأمسى الشعب كله في وقفة احتجاجية وهو ما ينذر بأزمة تلوح بأفق أسود مظلم وقد حان الوقت لإيجاد حلول نهائية لها، ولن يتأتى ذلك إلا بتحقيق ما مايريده الشعب ومايحقن دماء ابناءه ، والتخلص من عقلية وثقافة " أنت تريد وأنا أريد ولا يكون إلا ما أريد " .