كلما اقترب اجل التوقيع على المبادرة الخليجية كلماتحركت ساحات الثورة واخذت ترغي وتزبد وتصعد حشودها ...كيف يمكن الربط بين هذين المتلازمتين ....ومن المستفيد والمتضرر من المبادرة بل من عملية التوفيع عليها ...
النظام ومن تبقى فيه هم المستفيدون الوحيدون من عرقلة الحل السياسي وهم اصحاب المصلحة الكبرى في بقاء الاوضاع على ماهي عليه ومن تفويت كل الفرص الوطنية لاخراج الشعب من هذا الوحل ..
يجب أن يعاد النظر في كل رهانات الحسم بالفعل الثوري،
والتي قد تقود البلد إلى أخطر المنزلقات والنتائج، ربما يصفق البعض لهذا الرهان أو ذاك، بوهم الإخلاص وحب الوطن بذات هذه الذريعة ، وليس الأمر إلا تفخيخا لكل الأوضاع، وإسقاطا لكل الخيارات السلمية البديلة ، ودفعا في اتجاه الحرب والعنف والفوضى ، ربما تصاغ الحسابات الثورية بطريقة مأسورة لكثير من الوهم والانفعال، وفي ذلك المزيد من التعقيدالثوري والسياسي ، أما آن الأوان إلى مراجعات جريئة تحاسب كلّ الرهانات المتشنجة والتي لن تكون أبدا خيارات إنقاذوتغيير وبنأ
هناك خطابات تمارس إنتاج الكراهية والغضب، والإنتقام، إنها خطابات تستنفر في داخل النظام الكثير من التحريض، والعداوة، والقسوة.. ما نتمناه أن تنطلق الخطابات الراشدة الساعية الى بناء أواصر المحبة والرحمة والإحساس بآلام المحرومين، والرافضة لكل أشكال الشحن المتبادل، وتأزيم المشاعر والعواطف وتأجيج العداوات والخلافات والصراعات، وإسقاط كل الخيارات الرشيدة، والرهانات العاقلة...
بعضٌ من ضحاياحالة التشنج هذه او التطرف هم أصحاب الأصوات المعتدلة، الذين يمتلكون صدقية أمام الآخرين. فالوضع دفع باتجاه التطرف، وانتقلت الحياة العامة والخطاب السياسي نحو العنف المعنوي ان صح هذا التعبير والتحشيد والتشكيك وتقطيع أوصال المجتمع وهدم الجسور، ولم يجد أصحاب الصوت المعتدل وسيلة فاعلة للإمساك بالأمور ومنعها من الوصول إلى ما وصلنا إليه.
أصبح هناك من يفتخر بأنه متعصب، وأنه يكره هذه الفئة أو تلك، وأن من واجبه القضاء على الآخر أو تركيعه وإخراسه وحرمانه من حقوقه كإنسان له احترام وكرامة. والتفاخر بخطابات التطرف والكراهية لم يعد محصورا في اجتماعات ومجالس في زوايا مخفية، بل أصبح جزءا من السياق العام والمطروح بصورة علانية في وسائل الاتصال الجماهيري التقليدية والجديدة وفي الشارع ايضا فضلا عن الساحات .
إن هذه الظاهرة ليست مقبولة إنسانيا، ولغة العداء تجاه الآخر ، والاستمرار في هذا الخطاب، إنما يخلق وضعا غير مستقر نفسيا واجتماعيا وسياسيا. وحاليا هناك تجاهل متكرر لمعايير التعامل الإنساني مع الآخر، وانتهاك هذه المعايير ربما أصبح وسيلة للبعض لنيل مغانم شخصية ، لكنه من دون شك يأتي بالوبال على أصحابه وعلى البلد بصورة عامة.
ليس من العدل للشعب وبعد مسيرة عشرة اشهر من التضحيات والمتاعب أن تعود أجواء الخوف والرعب والشك، وأن يزداد الوضع إلى حالة من الانقسام المعززة بحزمة من المواقف العدائية والاقصائية ضد بعضنا البعض
حد المظاهر المؤسفة للبعض أنه أغرق نفسه وتفكيره في أوهام، وراح يختلق قصصاً ومصطلحات لتسويق أفكار خارجة عن إطار الثورة والوطن... بل إن البعض يتحدث ويكتب عن فئة معارضة، وإن هذه الفئة تمثل النظام ، وآخر يقول إنها تمثل الشعب. هذا الضياع سببه غياب الذاكرة الوطنية لدى جماعات وجدت في الوضع غير الطبيعي الذي نمر به فرصة لاقتناص ما يمكن اقتناصه، حتى لو كان في ذلك انتهاء فكرة الوطن، بصفته سيادة وأرض ، يجب ان يعيش عليها شعب متساو في الحقوق والواجبات،
إننا ضد أية فكرة تتحرك على أساس التطرف ، ضد أي خطاب يفرق بين المجتمع؛ لأن كل هذه التوجهات تقضي على الأوطان... الذين انتهجوا المذهب الثوري المتطرف من أي جهة كانت معارضة أو تدعي تأييدها للوضع القائم ليست لديهم أية مبادئ إنسانية. نرى مثلا أن عددا غير قليل من الذين يدعون انهم مع الشعب في مسيرة التغيير السلمية في حين يرفضون المبادرة الخليجية ويطالبون بمحاكمة النظام يتصرفون حاليا وكأن السلطة رهينة في أيديهم، ويهددون ويتوعدون. هؤلاء يتحدثون بخطاب متطرف وعلني، ويفرحون بقطع أرزاق الناس ويدعون إلى الاستمرار في كل ممارسة مخالفة للمبداء الشعبي السلمي للثورة ، ويتصرفون بأسلوب يضر الشعب ويهدد استقراره ..
إن لحظة اسقاط النظام هي من اخطر اللحظات التي تصل اليها الثورات ان هي وصلت لاتمام مسيرة التغيير ،كما أنها عملية ليست بسيطة، بسبب تجذر السلطة في اغلب هياكل وأجهزة النظام ،والمنتفعين ممن تبقى فيه وهم أول من يضعون الفخاخ لهذا التحول في محاولات مستميتة منهم لعرقلته من باب الحفاظ على مكتسباتهم واوضاعهم ومناصبهم الشخصية ،إضافة إلى إمكانية التحاقهم بساحات الثورة عبر الكثير من القنوات الخفية التي تمكنهم من ذلك مستغلين حالة الغضب والحماس العاطفي للثوار وعن طريق رفع الشعارات والمطالب الثورية القصوى وان كانت مشروعة لكنهم يسخرونها لخدمة اغراض غير مشروعة ،فى الوقت نفسه أدركت هذه القوى أن النظام قد فقد صلاحيته السياسية أمام المبادرة الخليجية وكان عليها أن تعمل على خلق البديل الذي يضمن سيطرتها السياسية والاقتصادية من خلال الالتحاق بالثورة من خلف ظهور الشباب الذين تغريهم او تغرر بهم وبغير اداة احيانا بالمال واحيانا بالسلطة مما قد يكون خطر على جهود التحول السياسي السلمي القريب ...
.ومعروف ان الثورات لا تسير في خطوط مستقيمة، وانتصار الثورة بمعناه الأكثر اكتمالا،هو تحقيق تغيير جذري في علاقات القوى الاجتماعية والبنية السياسية وإعادة صياغة خريطة المصالح العلياء للشعب، لا يمكن تحديد مسار مسبق له ولا يمكن تصور أن تكون مسيرة الثورة سلسلة متصلة من الصعود والانتصارات دون المرور بحالات من الهبوط والمحن لأن الثورة ليست مجرد حالة اعتصام محدودة بفترة زمنية مؤقتة ولكنها عملية متصلة ومترابطة تعبر عن درجة تطورووعي الجماهيرصاحبة المصلحة الحقيقية في الثورة ومدى نضج خبراتها السياسية والتنظيمية والنضالية. كما أن الثورة ونجاح الثورة لايتوقف فقط عن تطبيق الاسلوب التقليدي العنيف للحسم كما ساد ذلك في الثورات العربية القديمة السابقة التي افرزت هذه الانظمة الاستبدادية وثبت بعد كل هذه العقود بانها كانت ثورات فاشلة,
فكل طريق يؤدي الى تغيير لايعدوا ان يكون الا ثورة بكل المعايير ...والشعب اليمني لن يكون ملزما بسلوك الطريق الذي سلكته الشعوب العربية الاخرى لاسقاط انظمتها الاستبدادية في تونس ومصر وليبيا ...
اما اولئك الذين باتوا يرفعون مطالبهم التدميرية للشعب والوطن برفض المبادرة الخليجية كلما عبرت الاطراف المعنية عن جديتها ورغبتها الحقيقية في التوقيع عليها بصفتها الاستراتيجية الوطنية ان لم تكن الثورية المثلى لانجاز عملية التغيير واتمام مسيرة التحول نحو الدولة المدنية الحديثة التي تستوعب الشعب اليمني بكل افراده واطيافه وهيئاته السياسية والاجتماعية والثقافية والدينية والفكرية باقل التكاليف ,فانه يمكننا القول بان هذه المطالب لاتحمل اي حكمة ثورية تتفق مع مبداء المسؤلية الوطنية الذي ينبغي ان يتحلى ويتسلح به الجميع في الساحات وخارجها ان كانوا كما يزعمون حريصون فعلا على تحقيق المصلحة العلياء للشعب وتخليصه من براثن الظلم والاستبداد دون المساس بوحدته الوطنية والسياسية او التعدي على سكينته الاجتماعية والاقتصادية واستقراره الاهلي العام .
وبالنظر الى حجم الكارثة وهول الماساة التي من المؤكد بانها ستلحق بالشعب والوطن على مختلف اصعدة ونواحي الحياة بفعل اصرار هولاء النفر ممن ينتسبون الى ساحات الثورة اغتصابا على فرض هذه المطالب بشكل ان نجحوا في اقناع الاخرين او التغرير بهم بانه لايخدم النظام واعوانه فانهم لن ينجحوا مهما حاولوا في اقناعهم بانه انما يخدم الوطن ويحقق مصلحة الشعب وتطلعاته الثورية ..فاننا بالنظر الى هذه الكارثة لن نرى من ورائها اي جدوى اخلاقية اوحتى روحية تستحق ان يسفك الشباب قطرة دم واحدة من شرايينهم الطاهرة في سبيلها؟؟
محاكمة الرئيس ورموز نظامه هو مطلب ثوري وليس هدف من اهدافها وبالتالي فانه لم ولن يكتسب قدسية الاهداف الثورية التي تستحق التضحيات ..ومثل هذا المطلب يظل بالامكان التنازل عنه مقابل مصلحة وطنية او شعبية او انسانية اسمى واعظم دون ان يؤثر ذلك على مسار الثورة او يعرقل مسيرتها ؟؟فمابال هولاء الذين يتمسكون به على نحو مانسمع وهم يعلمون يقينابان في ذلك مايجلب للشعب والوطن الكوارث والاهوال ويعرقل مسيرة الثورة ان لم يكن يوقف حركتها الشعبية تماما ؟؟؟
ليس من المنطقي ولا من المعقول او المقبول سياسيا وثوريا كماهو مرفوض بالعرف والاخلاق ان نضحي بالالاف او المئات او العشرات من ابنا الشعب ونزهق ارواحهم ونسفك دمائهم الزكية من اجل محاكمة مجرم او مجموعة من المجرمين وقد لايحاكمون في نهاية المطاف ؟؟
ما من شك أن كل الأفكارالظلامية، دائما تقوم على مغالطات وتراهن على جهل الشعب وأحيانا عواطفه او فقره او حالة الظلم والحرمان . وهي تلعب على جوانب المشاعر مستعملة أساليب الاستعطاف والاغراء والتحريض، وهو نفس الأسلوب الذي تعمد إليه قوى الفساد والمصالح الشخصية او القبلية الضيقة ، إذ تركز دعايتهاعلى أن الثورة في خطر وان من يقبل بالحلول السياسية والسلمية انما يخون دماء الشهداء ولا خيار أمامهم سوى التمسك بمبادئهم ورفض كل الحلول التي ستجنب الشعب من ويلات الحروب والمجازر الدموية وهو نفسه ما يبثونه اليوم ، إن هذه المجموعات بعملها هذا إنما تريد – شاءت أم أبت- التشويش على نضال شعبنا الذي يريد أن يركز في هذه المرحلة الدقيقة على القضايا الأساسية التي وفقا لها سيتحدد مستقبله، هذا لا يعني أن ثورة الشعب ودماء الشهداء مسألة لا قيمة لها، بل بالعكس إن شعبنا بنضاله الميداني السلمي انما هو يرسم ملامح حريته ،كشعب واعي، أبي، له عزة وكرامة، منغرس في جذوره ومتطلع إلى مستقبله المضيء
النظام ومن تبقى فيه هم المستفيدون الوحيدون من عرقلة الحل السياسي وهم اصحاب المصلحة الكبرى في بقاء الاوضاع على ماهي عليه ومن تفويت كل الفرص الوطنية لاخراج الشعب من هذا الوحل ..
يجب أن يعاد النظر في كل رهانات الحسم بالفعل الثوري،
والتي قد تقود البلد إلى أخطر المنزلقات والنتائج، ربما يصفق البعض لهذا الرهان أو ذاك، بوهم الإخلاص وحب الوطن بذات هذه الذريعة ، وليس الأمر إلا تفخيخا لكل الأوضاع، وإسقاطا لكل الخيارات السلمية البديلة ، ودفعا في اتجاه الحرب والعنف والفوضى ، ربما تصاغ الحسابات الثورية بطريقة مأسورة لكثير من الوهم والانفعال، وفي ذلك المزيد من التعقيدالثوري والسياسي ، أما آن الأوان إلى مراجعات جريئة تحاسب كلّ الرهانات المتشنجة والتي لن تكون أبدا خيارات إنقاذوتغيير وبنأ
هناك خطابات تمارس إنتاج الكراهية والغضب، والإنتقام، إنها خطابات تستنفر في داخل النظام الكثير من التحريض، والعداوة، والقسوة.. ما نتمناه أن تنطلق الخطابات الراشدة الساعية الى بناء أواصر المحبة والرحمة والإحساس بآلام المحرومين، والرافضة لكل أشكال الشحن المتبادل، وتأزيم المشاعر والعواطف وتأجيج العداوات والخلافات والصراعات، وإسقاط كل الخيارات الرشيدة، والرهانات العاقلة...
بعضٌ من ضحاياحالة التشنج هذه او التطرف هم أصحاب الأصوات المعتدلة، الذين يمتلكون صدقية أمام الآخرين. فالوضع دفع باتجاه التطرف، وانتقلت الحياة العامة والخطاب السياسي نحو العنف المعنوي ان صح هذا التعبير والتحشيد والتشكيك وتقطيع أوصال المجتمع وهدم الجسور، ولم يجد أصحاب الصوت المعتدل وسيلة فاعلة للإمساك بالأمور ومنعها من الوصول إلى ما وصلنا إليه.
أصبح هناك من يفتخر بأنه متعصب، وأنه يكره هذه الفئة أو تلك، وأن من واجبه القضاء على الآخر أو تركيعه وإخراسه وحرمانه من حقوقه كإنسان له احترام وكرامة. والتفاخر بخطابات التطرف والكراهية لم يعد محصورا في اجتماعات ومجالس في زوايا مخفية، بل أصبح جزءا من السياق العام والمطروح بصورة علانية في وسائل الاتصال الجماهيري التقليدية والجديدة وفي الشارع ايضا فضلا عن الساحات .
إن هذه الظاهرة ليست مقبولة إنسانيا، ولغة العداء تجاه الآخر ، والاستمرار في هذا الخطاب، إنما يخلق وضعا غير مستقر نفسيا واجتماعيا وسياسيا. وحاليا هناك تجاهل متكرر لمعايير التعامل الإنساني مع الآخر، وانتهاك هذه المعايير ربما أصبح وسيلة للبعض لنيل مغانم شخصية ، لكنه من دون شك يأتي بالوبال على أصحابه وعلى البلد بصورة عامة.
ليس من العدل للشعب وبعد مسيرة عشرة اشهر من التضحيات والمتاعب أن تعود أجواء الخوف والرعب والشك، وأن يزداد الوضع إلى حالة من الانقسام المعززة بحزمة من المواقف العدائية والاقصائية ضد بعضنا البعض
حد المظاهر المؤسفة للبعض أنه أغرق نفسه وتفكيره في أوهام، وراح يختلق قصصاً ومصطلحات لتسويق أفكار خارجة عن إطار الثورة والوطن... بل إن البعض يتحدث ويكتب عن فئة معارضة، وإن هذه الفئة تمثل النظام ، وآخر يقول إنها تمثل الشعب. هذا الضياع سببه غياب الذاكرة الوطنية لدى جماعات وجدت في الوضع غير الطبيعي الذي نمر به فرصة لاقتناص ما يمكن اقتناصه، حتى لو كان في ذلك انتهاء فكرة الوطن، بصفته سيادة وأرض ، يجب ان يعيش عليها شعب متساو في الحقوق والواجبات،
إننا ضد أية فكرة تتحرك على أساس التطرف ، ضد أي خطاب يفرق بين المجتمع؛ لأن كل هذه التوجهات تقضي على الأوطان... الذين انتهجوا المذهب الثوري المتطرف من أي جهة كانت معارضة أو تدعي تأييدها للوضع القائم ليست لديهم أية مبادئ إنسانية. نرى مثلا أن عددا غير قليل من الذين يدعون انهم مع الشعب في مسيرة التغيير السلمية في حين يرفضون المبادرة الخليجية ويطالبون بمحاكمة النظام يتصرفون حاليا وكأن السلطة رهينة في أيديهم، ويهددون ويتوعدون. هؤلاء يتحدثون بخطاب متطرف وعلني، ويفرحون بقطع أرزاق الناس ويدعون إلى الاستمرار في كل ممارسة مخالفة للمبداء الشعبي السلمي للثورة ، ويتصرفون بأسلوب يضر الشعب ويهدد استقراره ..
إن لحظة اسقاط النظام هي من اخطر اللحظات التي تصل اليها الثورات ان هي وصلت لاتمام مسيرة التغيير ،كما أنها عملية ليست بسيطة، بسبب تجذر السلطة في اغلب هياكل وأجهزة النظام ،والمنتفعين ممن تبقى فيه وهم أول من يضعون الفخاخ لهذا التحول في محاولات مستميتة منهم لعرقلته من باب الحفاظ على مكتسباتهم واوضاعهم ومناصبهم الشخصية ،إضافة إلى إمكانية التحاقهم بساحات الثورة عبر الكثير من القنوات الخفية التي تمكنهم من ذلك مستغلين حالة الغضب والحماس العاطفي للثوار وعن طريق رفع الشعارات والمطالب الثورية القصوى وان كانت مشروعة لكنهم يسخرونها لخدمة اغراض غير مشروعة ،فى الوقت نفسه أدركت هذه القوى أن النظام قد فقد صلاحيته السياسية أمام المبادرة الخليجية وكان عليها أن تعمل على خلق البديل الذي يضمن سيطرتها السياسية والاقتصادية من خلال الالتحاق بالثورة من خلف ظهور الشباب الذين تغريهم او تغرر بهم وبغير اداة احيانا بالمال واحيانا بالسلطة مما قد يكون خطر على جهود التحول السياسي السلمي القريب ...
.ومعروف ان الثورات لا تسير في خطوط مستقيمة، وانتصار الثورة بمعناه الأكثر اكتمالا،هو تحقيق تغيير جذري في علاقات القوى الاجتماعية والبنية السياسية وإعادة صياغة خريطة المصالح العلياء للشعب، لا يمكن تحديد مسار مسبق له ولا يمكن تصور أن تكون مسيرة الثورة سلسلة متصلة من الصعود والانتصارات دون المرور بحالات من الهبوط والمحن لأن الثورة ليست مجرد حالة اعتصام محدودة بفترة زمنية مؤقتة ولكنها عملية متصلة ومترابطة تعبر عن درجة تطورووعي الجماهيرصاحبة المصلحة الحقيقية في الثورة ومدى نضج خبراتها السياسية والتنظيمية والنضالية. كما أن الثورة ونجاح الثورة لايتوقف فقط عن تطبيق الاسلوب التقليدي العنيف للحسم كما ساد ذلك في الثورات العربية القديمة السابقة التي افرزت هذه الانظمة الاستبدادية وثبت بعد كل هذه العقود بانها كانت ثورات فاشلة,
فكل طريق يؤدي الى تغيير لايعدوا ان يكون الا ثورة بكل المعايير ...والشعب اليمني لن يكون ملزما بسلوك الطريق الذي سلكته الشعوب العربية الاخرى لاسقاط انظمتها الاستبدادية في تونس ومصر وليبيا ...
اما اولئك الذين باتوا يرفعون مطالبهم التدميرية للشعب والوطن برفض المبادرة الخليجية كلما عبرت الاطراف المعنية عن جديتها ورغبتها الحقيقية في التوقيع عليها بصفتها الاستراتيجية الوطنية ان لم تكن الثورية المثلى لانجاز عملية التغيير واتمام مسيرة التحول نحو الدولة المدنية الحديثة التي تستوعب الشعب اليمني بكل افراده واطيافه وهيئاته السياسية والاجتماعية والثقافية والدينية والفكرية باقل التكاليف ,فانه يمكننا القول بان هذه المطالب لاتحمل اي حكمة ثورية تتفق مع مبداء المسؤلية الوطنية الذي ينبغي ان يتحلى ويتسلح به الجميع في الساحات وخارجها ان كانوا كما يزعمون حريصون فعلا على تحقيق المصلحة العلياء للشعب وتخليصه من براثن الظلم والاستبداد دون المساس بوحدته الوطنية والسياسية او التعدي على سكينته الاجتماعية والاقتصادية واستقراره الاهلي العام .
وبالنظر الى حجم الكارثة وهول الماساة التي من المؤكد بانها ستلحق بالشعب والوطن على مختلف اصعدة ونواحي الحياة بفعل اصرار هولاء النفر ممن ينتسبون الى ساحات الثورة اغتصابا على فرض هذه المطالب بشكل ان نجحوا في اقناع الاخرين او التغرير بهم بانه لايخدم النظام واعوانه فانهم لن ينجحوا مهما حاولوا في اقناعهم بانه انما يخدم الوطن ويحقق مصلحة الشعب وتطلعاته الثورية ..فاننا بالنظر الى هذه الكارثة لن نرى من ورائها اي جدوى اخلاقية اوحتى روحية تستحق ان يسفك الشباب قطرة دم واحدة من شرايينهم الطاهرة في سبيلها؟؟
محاكمة الرئيس ورموز نظامه هو مطلب ثوري وليس هدف من اهدافها وبالتالي فانه لم ولن يكتسب قدسية الاهداف الثورية التي تستحق التضحيات ..ومثل هذا المطلب يظل بالامكان التنازل عنه مقابل مصلحة وطنية او شعبية او انسانية اسمى واعظم دون ان يؤثر ذلك على مسار الثورة او يعرقل مسيرتها ؟؟فمابال هولاء الذين يتمسكون به على نحو مانسمع وهم يعلمون يقينابان في ذلك مايجلب للشعب والوطن الكوارث والاهوال ويعرقل مسيرة الثورة ان لم يكن يوقف حركتها الشعبية تماما ؟؟؟
ليس من المنطقي ولا من المعقول او المقبول سياسيا وثوريا كماهو مرفوض بالعرف والاخلاق ان نضحي بالالاف او المئات او العشرات من ابنا الشعب ونزهق ارواحهم ونسفك دمائهم الزكية من اجل محاكمة مجرم او مجموعة من المجرمين وقد لايحاكمون في نهاية المطاف ؟؟
ما من شك أن كل الأفكارالظلامية، دائما تقوم على مغالطات وتراهن على جهل الشعب وأحيانا عواطفه او فقره او حالة الظلم والحرمان . وهي تلعب على جوانب المشاعر مستعملة أساليب الاستعطاف والاغراء والتحريض، وهو نفس الأسلوب الذي تعمد إليه قوى الفساد والمصالح الشخصية او القبلية الضيقة ، إذ تركز دعايتهاعلى أن الثورة في خطر وان من يقبل بالحلول السياسية والسلمية انما يخون دماء الشهداء ولا خيار أمامهم سوى التمسك بمبادئهم ورفض كل الحلول التي ستجنب الشعب من ويلات الحروب والمجازر الدموية وهو نفسه ما يبثونه اليوم ، إن هذه المجموعات بعملها هذا إنما تريد – شاءت أم أبت- التشويش على نضال شعبنا الذي يريد أن يركز في هذه المرحلة الدقيقة على القضايا الأساسية التي وفقا لها سيتحدد مستقبله، هذا لا يعني أن ثورة الشعب ودماء الشهداء مسألة لا قيمة لها، بل بالعكس إن شعبنا بنضاله الميداني السلمي انما هو يرسم ملامح حريته ،كشعب واعي، أبي، له عزة وكرامة، منغرس في جذوره ومتطلع إلى مستقبله المضيء