خلال نقاش طويل من نقاشاتنا اليومية العقيمة التي اعتدنا عليها في مجالس القات..والتي لا نمل منها..حتى حين ندخل في نقاش مستفز..مستعصي على الختام..ينفض من حولنا السامعون دون ان نصل بهم لنتيجة .. وكل واحد فينا يتربص برأية وصوابية منطقه ويسعى جاهدا لحسم قضيته لصالح موقفه منها ..وكثيرا ماينتهي الامر بمصالحة رمزية أوهدنة مؤقتة يكون الصمت وسيطا فيها! طرح علي احدهم، ضاحكا، هذا السؤال:
- باي مهارة يتمتع شعبنا بأكمله تقريبا؟
ولأنني أحسست من نبرة السؤال الساخرة أن الجواب سيكون من نفس العيار، فقد آثرت ألا أفسد اللحظة بتخميناتي، وسألت باستسلام وتلهف:
- أخبرني..ما هي؟
- قال السيـاسة !!
كان ذلك هو الرد الذي لم اتوقعه يومها،حتى (مَـرًّ ) طعم القات في فمي غير أنني عندما أعدت التفكير فيها لبرهة، رأيت أن المسألة تستدعي قدرا من التأمل!
الحديث عن السياسة عندنا اصبح كوصفة دواء مُرّ يلزم الجميع أخذه..احتاجوا إليه أم لم يحتاجوا، فهموا وصفته أم لم يفهموا..أتقنوا استخدامه ام لم يتقنوا..تسبب لهم ولغيرهم بمنفعة أم بمضرة..لا يهم ذالك كله في الغالب!!
انه لدى البعض اقرب مايكون لمرتبة الواجب الذي لا يمكن التفريط فيه..حتى لو كانوا يجهلون الفرق بين الدولة والحكومة!وهو لايقتصر على مجالس القات فقط ولكنه ينتشر ليشمل الناس في الشارع وفي المقهى وفي الباصات وحافلات النقل الا انه في مجالس القات يأخذ اسايب واحوال مختلفة ..
اماالبعض الآخر فيعتبرونه ممارسة لابد منها للتدليل على التفوق العقلي والفهم الرشيد لمجريات الأمور..حتى لو كانوا يعجزون عن طرح رؤية مفهومة لأبسط القضايا العالقة!
ومجموعة ثالثة تجد في الحديث عن السياسة هوايتها المفضلة، والمهارة الأولى، والممارسة التي تتصدر لديهم قائمة قاتلات الوقت والجهد العقلي..وربما العضلي إن ساءت حال النقاشات "السياسية"! حتى لو كانت السياسة عندهم لا تتتجاوزحدود القبيلة، ومصالح الانانية، ومشاريع الثراء السريع والمشبوه!
واحيانا تجتمع كل تلك " الاهداف"..وغيرها.. لدى البعض..والنتيجة في غالب الأحوال - - ما تكون صورا مشوهة مستنسخة من اللامفيد واللامنطقي.
ومن قبيل العدل.فلا بد أن نذكر أن نفرا غير تلك الفئات قد يتحدثون أيضا عن السياسة.. وربما فهموا قواعد السياسة الأساسية..أو بعضا منها على الأقل، وربما حاولوا أن يضعوا النقاط على الأحرف الحائرة..وأن ينحتوا بصبر في جبال من الجهل والخراب التي تقف بعنجهية في طرقاتنا الوعرة..في محاولات أقل ما تستحقه الاحترام والقراءة المتأنية..
وسواء حسنت النيات أو ساءت، واصابت العقول والأفهام أو خابـت وانتكست، فالمتحدثون في السياسة جمهور عريض، متنوع الأشكال، تقترب رؤاه في نادر الأحيان، وتتبعثر في معظمها.
أما السياسية كممارسة فلها قصص أخرى..أشد تعقيدا من الأولى !
فلا يخفىعلى احد أن الواقع السياسي لدينا، رسميا كان أم غير رسمي، صار مكتظا بجميع الألوان الغريبة والصادمة..لدرجة القتل!
الامثلة السياسية التي تغمر الساحة باتت نسخا مكررة الأدوار والنتائج، لم يعد الجديد فيها سوى أسماء أصحابها ووجوههم!
ولعل اكثر الناس فينا قد تعرضو لأولئك الأشخاص الذين يقابلونك في محطّات الحياة المختلفة، ويسألونك باستغراب:
- لماذا طالت ثورتنا ؟ولماذا لا يرحل الرئيس بعد ان وقع ؟ ولماذا يمنحوه حصانات ولماذا يطالب الجنوبيون بالانفصال و؟و؟و؟وكثيرا من اسئلة كهذه ؟
وفي ثنايا السؤال استنكار شديد - لا يخطئه حس السامع - للنزاعات السياسية والثورية الدائمة بين أبناء شعب يشترك في كل شئ..عدا الفهم المشترك لمصلحته! هذا إن لم يتكرم السائلون بتذكيرك صراحة بقائمة القواسم المشتركة التي تجمع اليمنيون..والتي لا نفتأ نحن ندندن بها..بفخار وكأننا نؤمن حقا بتشاركنا فيها!
لا أعرف بالضبط ماهو الجواب الذي قد يعطيه بعضكم إجابة على سؤال واحد من الاسئلة العويصة كهذه
النظرة العميقة والفاحصة للواقع الذي تعيشه السياسة هنا، ضرورة تحتمها متطلبات البحث عن مقاربات منطقية لحلول الأزمة السياسية الراهنة.
نظرة لا تتشبث بعواطف ساذجة لا تخرج من أزمة ولا تغني من مأساة..وطرح أسئلة جريئة، تحفر في عمق الجراح المستعصية على الاندمال منذ القدم..ضرورة يحتاجها المهتمون بالسياسة دراسة أو ممارسة..سواء بسواء، وإن أصروا على تجاهل هذه الضرورة - كما فعلت أغلبيتهم ولا زالت تفعل - فالنتائج المشوهة المستنسخة من اللامنطقي واللامفيد بإنتظار الجميع، والواقع المعاش خير شاهد ودليل.
فاشاعة عدد كبير من تحليلاتنا السياسية لأفكار يبدو أن اغلبها خارج عن سيطرتنا، وما علينا سوى القعود منتظرين بتمهل وترقب أهل الحلم ثغرا مشرقا، نستبدل به هذه الأحداث العابسة! رافعين أكف وأصوات الدعاء، بخشوع الأتقياء..عل رب الأرض والسماء يكشف الضراء..إنما هو تطرف في الإتكاء على التفسير المؤامراتي، ورمي لكامل المسؤولية في حضن الأطراف الخارجية، أيا كانت هويتها ومصالحها ودورها في الأزمة اليمنية.
الدعاء عبادة وقربى إلى رب العباد تبارك في علاه..لكنه لن يكون كذالك إلا إذا اقترن بعمل دؤوب يسنده.وعودة لضرورة القراءة العميقة والفاحصة، فإن امتداد تلك القراءة للتجارب البشرية التي عالجت قضايا مصيرية كبرى..كالحروب الأهلية والنزاعات الإقليمية وانهيار وتفكك النظام السياسي المحلي وإعادة اعمار وبناء الوحدة الوطنية بين الشمال والجنوب على اسس جديدة وبناء الفكر السياسي..
وتحليل الأحداث الكبرى التي غيرت مجرى التاريخ البشري، والوقوف على محطات النهضة والتغيير التي مرت بها المجتمعات..هي بلا شك إثراء لمعرفتنا الإنسانية عموما، وصقل لثقافتنا السياسية الإجتماعية بشكل خاص، والتي من دون أن نعمل سوية على تنميتها وإثرائها فلن تتفتق عقولنا عن المقاربات التي ننشدها للخروج من العفن السياسي والثوري الذي نتلطخ به.
- باي مهارة يتمتع شعبنا بأكمله تقريبا؟
ولأنني أحسست من نبرة السؤال الساخرة أن الجواب سيكون من نفس العيار، فقد آثرت ألا أفسد اللحظة بتخميناتي، وسألت باستسلام وتلهف:
- أخبرني..ما هي؟
- قال السيـاسة !!
كان ذلك هو الرد الذي لم اتوقعه يومها،حتى (مَـرًّ ) طعم القات في فمي غير أنني عندما أعدت التفكير فيها لبرهة، رأيت أن المسألة تستدعي قدرا من التأمل!
الحديث عن السياسة عندنا اصبح كوصفة دواء مُرّ يلزم الجميع أخذه..احتاجوا إليه أم لم يحتاجوا، فهموا وصفته أم لم يفهموا..أتقنوا استخدامه ام لم يتقنوا..تسبب لهم ولغيرهم بمنفعة أم بمضرة..لا يهم ذالك كله في الغالب!!
انه لدى البعض اقرب مايكون لمرتبة الواجب الذي لا يمكن التفريط فيه..حتى لو كانوا يجهلون الفرق بين الدولة والحكومة!وهو لايقتصر على مجالس القات فقط ولكنه ينتشر ليشمل الناس في الشارع وفي المقهى وفي الباصات وحافلات النقل الا انه في مجالس القات يأخذ اسايب واحوال مختلفة ..
اماالبعض الآخر فيعتبرونه ممارسة لابد منها للتدليل على التفوق العقلي والفهم الرشيد لمجريات الأمور..حتى لو كانوا يعجزون عن طرح رؤية مفهومة لأبسط القضايا العالقة!
ومجموعة ثالثة تجد في الحديث عن السياسة هوايتها المفضلة، والمهارة الأولى، والممارسة التي تتصدر لديهم قائمة قاتلات الوقت والجهد العقلي..وربما العضلي إن ساءت حال النقاشات "السياسية"! حتى لو كانت السياسة عندهم لا تتتجاوزحدود القبيلة، ومصالح الانانية، ومشاريع الثراء السريع والمشبوه!
واحيانا تجتمع كل تلك " الاهداف"..وغيرها.. لدى البعض..والنتيجة في غالب الأحوال - - ما تكون صورا مشوهة مستنسخة من اللامفيد واللامنطقي.
ومن قبيل العدل.فلا بد أن نذكر أن نفرا غير تلك الفئات قد يتحدثون أيضا عن السياسة.. وربما فهموا قواعد السياسة الأساسية..أو بعضا منها على الأقل، وربما حاولوا أن يضعوا النقاط على الأحرف الحائرة..وأن ينحتوا بصبر في جبال من الجهل والخراب التي تقف بعنجهية في طرقاتنا الوعرة..في محاولات أقل ما تستحقه الاحترام والقراءة المتأنية..
وسواء حسنت النيات أو ساءت، واصابت العقول والأفهام أو خابـت وانتكست، فالمتحدثون في السياسة جمهور عريض، متنوع الأشكال، تقترب رؤاه في نادر الأحيان، وتتبعثر في معظمها.
أما السياسية كممارسة فلها قصص أخرى..أشد تعقيدا من الأولى !
فلا يخفىعلى احد أن الواقع السياسي لدينا، رسميا كان أم غير رسمي، صار مكتظا بجميع الألوان الغريبة والصادمة..لدرجة القتل!
الامثلة السياسية التي تغمر الساحة باتت نسخا مكررة الأدوار والنتائج، لم يعد الجديد فيها سوى أسماء أصحابها ووجوههم!
ولعل اكثر الناس فينا قد تعرضو لأولئك الأشخاص الذين يقابلونك في محطّات الحياة المختلفة، ويسألونك باستغراب:
- لماذا طالت ثورتنا ؟ولماذا لا يرحل الرئيس بعد ان وقع ؟ ولماذا يمنحوه حصانات ولماذا يطالب الجنوبيون بالانفصال و؟و؟و؟وكثيرا من اسئلة كهذه ؟
وفي ثنايا السؤال استنكار شديد - لا يخطئه حس السامع - للنزاعات السياسية والثورية الدائمة بين أبناء شعب يشترك في كل شئ..عدا الفهم المشترك لمصلحته! هذا إن لم يتكرم السائلون بتذكيرك صراحة بقائمة القواسم المشتركة التي تجمع اليمنيون..والتي لا نفتأ نحن ندندن بها..بفخار وكأننا نؤمن حقا بتشاركنا فيها!
لا أعرف بالضبط ماهو الجواب الذي قد يعطيه بعضكم إجابة على سؤال واحد من الاسئلة العويصة كهذه
النظرة العميقة والفاحصة للواقع الذي تعيشه السياسة هنا، ضرورة تحتمها متطلبات البحث عن مقاربات منطقية لحلول الأزمة السياسية الراهنة.
نظرة لا تتشبث بعواطف ساذجة لا تخرج من أزمة ولا تغني من مأساة..وطرح أسئلة جريئة، تحفر في عمق الجراح المستعصية على الاندمال منذ القدم..ضرورة يحتاجها المهتمون بالسياسة دراسة أو ممارسة..سواء بسواء، وإن أصروا على تجاهل هذه الضرورة - كما فعلت أغلبيتهم ولا زالت تفعل - فالنتائج المشوهة المستنسخة من اللامنطقي واللامفيد بإنتظار الجميع، والواقع المعاش خير شاهد ودليل.
فاشاعة عدد كبير من تحليلاتنا السياسية لأفكار يبدو أن اغلبها خارج عن سيطرتنا، وما علينا سوى القعود منتظرين بتمهل وترقب أهل الحلم ثغرا مشرقا، نستبدل به هذه الأحداث العابسة! رافعين أكف وأصوات الدعاء، بخشوع الأتقياء..عل رب الأرض والسماء يكشف الضراء..إنما هو تطرف في الإتكاء على التفسير المؤامراتي، ورمي لكامل المسؤولية في حضن الأطراف الخارجية، أيا كانت هويتها ومصالحها ودورها في الأزمة اليمنية.
الدعاء عبادة وقربى إلى رب العباد تبارك في علاه..لكنه لن يكون كذالك إلا إذا اقترن بعمل دؤوب يسنده.وعودة لضرورة القراءة العميقة والفاحصة، فإن امتداد تلك القراءة للتجارب البشرية التي عالجت قضايا مصيرية كبرى..كالحروب الأهلية والنزاعات الإقليمية وانهيار وتفكك النظام السياسي المحلي وإعادة اعمار وبناء الوحدة الوطنية بين الشمال والجنوب على اسس جديدة وبناء الفكر السياسي..
وتحليل الأحداث الكبرى التي غيرت مجرى التاريخ البشري، والوقوف على محطات النهضة والتغيير التي مرت بها المجتمعات..هي بلا شك إثراء لمعرفتنا الإنسانية عموما، وصقل لثقافتنا السياسية الإجتماعية بشكل خاص، والتي من دون أن نعمل سوية على تنميتها وإثرائها فلن تتفتق عقولنا عن المقاربات التي ننشدها للخروج من العفن السياسي والثوري الذي نتلطخ به.