الجنوبيون لايقبلون بالفيدرالية ايضا



يقول الكاتب  محمد على محسن في بداية المقال الذي نشرته صحيفة اخبار اليوم الغراء بعددها الصادر يوم الخميس المنصرم 29/12/2011م في صفحتها الاخيرة بعنوان(وطن ثالث نقيض الاثنين ) كما نشر في مواقع الكترونية عدة ايضا ,ان اليمن ليس بحاجة لمن يرشده الى طريق التجزئة والتمزق التي طالما جربها وخبر بها وسار فيها منذ عهود طويلة ولم يجني من ورائها سوى الضعف والتقهقر بقدر مايحتاج الى من يرشده الى طريق التوحد ....ليربط بهذا الطرح الفشل الذي منيت به الوحدة اليمنية حتى الان بخطأ الطريق الذي اخترناه وسلكناه للوصول اليها او لاعادة تحقيقهاقبل مايزيد عن عشرون عام ,,وليبرئ الوحدة كغاية وجادة لايبلغهما الا الرجال المتوحدين على حد تعبيره من اي لائمة عن ذلك الفشل الذي اقترن بها منذ اعلانها وتسبب في معاناة الجنوبيين دون سواهم بصورة لم يشهدوا مثلها فيما شهدوه في عهود التشطير ...
ومع يقيني الكامل بان الوحدة لم تكن في يوم من الايام الا وسيلة من الوسائل التي تلجأ او تتفق عليها الدول والشعوب  لتحقيق غاية معينة او مصلحة مشتركة بينهما لم تكتمل او تجتمع في كل او لكل طرف منهماعلى حده شروط وظروف تحقيقها بمفرده او بمعزل عن بقية الاطراف الاخرى  ذات العلاقة ,, فأن ايماني المطلق بالاسباب التي ادت على الدوام الى فشل التجارب الوحدوية بين تلك الدول او الشعوب التي جربتها فانهارت على نحو ماظل يجري للوحدة اليمنية منذ اعلانها انها بنيت على هذا الاساس او ان طرف واحد على الاقل من الاطراف  المعنية قد اعتبرها غاية ولم يعتبرها وسيلة وتعامل معها انطلاقا من هذا الاعتبار ونظر اليها من هذا المنظور فأن ذلك يجعلني افقد الامل تماما في امكانية نجاح التجربة اليمنية بعد كل هذا الوقت حتى لو بدلنا طريق الوصول اليها بطريق اخر او بالطريق الذي نظن بانه الصحيح هذه المرة واعدنا بناءها على قواعد واسس مختلفة وجديدة ,, فالشعوب لاتبحث عمن يرشدها للطريق الذي يؤدي للوحدة او التوحد كما زعم الاستاذ محمد علي محسن بقدر ماتبحث عمن يرشدها الى الطريق الذي يقودها للتغيير والرخا والعزة والاستقرار وتحسين اوضاعها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والمدنية ,, وثمة فرق شاسع بين من يدلك على طريق الوحدة كغاية في حد ذاتها وبين من يدلك على طريق الخير والرقي ...فالانفصال في حالة الوحدة اليمنية قد يكون بالنسبة للجنوبيون طريقهم الى الخير والرقي بعد ان قادهم طريق الوحدة الى سرداب الويل والشقاء كل هذه السنوات,, ومالم  يتحقق لهم  عن طريق الوحدة فلابد ان يتحقق لهم عن طريق الانفصال.,
ولو ان الكاتب قد نظر (للفيدرالية)التي يلمح اليها باستحيأ في المقال السالف ذكره على انها بديل للانفصال ولم ينظر اليها كما ينظر اليها الشماليون الذين يرفضونها على انها بديل للوحدة الاندماجية القائمة بين الشطرين منذ عشرون عام لأدرك بانها (اقصد الفيدرالية) حلا لايعالج الا قضية الشماليون انفسهم ووخيارا لا يدعم الامشكلتهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية وحدهم ونظاما لايخدم الا مصلحتهم بمفردهم ولعلم بانه بذلك انما يظلم الجنوبيون ان لم يكن قد ظلمهم بالفعل ويفرط في قضيتهم المشروعة العادلة وينتقص من تضحياتهم ويقلل من قيمة دمائهم تلك التي ظلت تسيل منذ صيف العام 94 م على مذبح الحرية والاستقلال ولم تتوقف بعد ويبدوا بانها لن  تتوقف قبل تحقيق ذلك دون انتقاص ..
الاتحاد قوة ...نعم نعرف هذه القاعدة ونؤمن بها تماما بقدر مانؤمن ايضا بان لكل قاعدة شواذ بل ان الوضع السئ الذي وجدنا انفسنانعيش فيه منذ تحقيق الوحدة قد جعلنا نؤمن بشواذ هذه القاعدة اكثر مما كنا نؤمن بالقاعدة نفسها قبل الوحدة ..كما ان ذاكرة التاريخ تزخر بكثير من التجارب الانفصالية ولا اقول الوحدوية التي ضربت امثلة كبيرة على طريق النجاح ولا استشهد عن ذلك بالاتحاد السوفيتي الذي اّثر التفكك على الاتحاد بعد انهيار المعسكر الاشتراكي ففي الاستشهاد بالكوريتين وتشيكسلوفاكيا مايؤكد على انه لاوحدة تقوم على وحدة الارض واللغة والدين فقط مع اختلاف الاسباب والدوافع السياسية والاقتصادية والتنظيمية التي تحقق المصلحة العلياء للشعوب التي ارتبطت  بعلاقة من هذا القبيل بشكل عادل ومتساوي وليس لطرف على حساب اخر
فضلا عن تجارب وحدوية -فيدرالية -كونفدرالية-اندماجية -كثيرة كان مصيرها الانفصال بعدما اخفقت في تحقيق اماني وتطلعات الشعوب التي اتحدت من اجل تحقيقها كسوريا ومصر والعراق مثلا 
وقد كان  القرن الماضي  بحق قرن الانفصالات الدولية التي سقط خلالها ملايين الضحايا فقد انفصلت الهند إلى الهند، باكستان وبنغلاديش ، وانفصلت الصين إلى تايوان والصين ، وانفصلت مصر إلى مصر والسودان ، ، وفيتنام إلى فيتنامين   وانفصلت يوغسلافيا إلى صربيا، كرواتيا، مقدونيا، الجبل الأسود، البوسنة والهرسك وكوسوفو، ، وانفصلت الحبشة إلى أثيوبيا وارتيريا وانفصلت الصومال الى الصومال وجمهورية ارض الصومال واخيرا انفصلت جنوب السودان عن السودان علما بأن الدول الوحيدة التي توحدت بعد انفصالها هي فيتنام وألمانيا اما اليمن فلم يثبت بانها كانت موحدة من قبل ،و
ما زالت المشاريع الانفصالية في هذا القرن قائمة على قدم وساق  في بريطانيا، أسبانيا، بلجيكا  و ,ولعل في المقارنة بين الثورات والحروب التي خاضتها الشعوب للمطالبة بالانفصال وبين تلك الثورات والحروب التي يفترض ان تكون قد خاضتها حتى الان للمطالبة بالوحدة مايغنينا عن الاستشهادبالامثلة والنماذج التي استشهدنا بها في هذا السياق على سبيل التوضيح لا الحصر لاثبات محاسن الانفصال ,اذ لم نسمع او نرى في العهد السياسي المعاصركما لم تذكر لنا كتب التاريخ ومصادره ان شعب من الشعوب قد قام بثورة من اجل الوحدة مقابل ماورد وماقرأناه فيها وماسمعناه باذاننا  ومارأيناه باعيننا ايضا من ثورات كثيرة وكبيرة خاضتها واخرى مازالت تخوضها حتى الان على طريق الانفصال رغم انها لم تكن تملك من اسباب ودواعي الانفصال كتلك التي يملكها الجنوبيون اليوم ..
واذا كان مايملكه الجنوبيون من اسباب ودوافع الانفصال الشرعية والمشروعة اكثر بكثير من تلك التي يمتلكها الشماليين (شعبا ونظاما)لتبرير تمسكهم بالوحدة اليمنية واكثر بكثير من تلك التي يبررون بها رفضهم للمبادرة الخليجية مع انها كانت في صالحهم فان في الهدف النبيل وحده الذي يسعى اليه الجنوبيون من وراء الانفصال مايكفيهم للاستماته في سبيل تحقيقه كاملا دون انتقاص ومايجعلهم يضحون من اجله بالغالي والرخيص ومايدفعهم لرفض الفيدرالية جملة وتفصيلا ,وعلى هذا فان رغبات الشعوب تكون في هذه الحالة هي الكلمة الفيصل في الحدث لتحديد المصير ويكون الانفصال مؤشر ايجابي لتغيير احوال البلد بشكل افضل وبالتالي فلايعتبر ذلك تمردا اوخروجا عن القانون كما يصوره البعض بل قد يكون مطالبة بحقوق قد سلبت او رد فعل طبيعي على واقع من الصعب التعايش معه تحت اي شكل من اشكال الوحدة واذا مابحثنا في القاموس السياسي عن مفردات الانفصال نجد بان اقوى دولة في العالم حاليا اقتصاديا وعسكريا كانت هي الدولة التي انفصلت عن المستعمرة البريطانية وحاربت من اجل مقاومة السياسات البريطانية انذاك فانتج ذلك  ميلاد اقوى دولة تتغنى بالديمقراطية والحرية التي دفعت ثمنها باهضا بصرف النظر عن السياسات التي تتبعها في الوقت الراهن في تعاملها مع الشعوب الاخرى .